دراسة : جيل “زد” المغربي يرفض الدعاية التقليدية و يبحث عن المصداقية والمشاركة الاجتماعية

بينما يواصل التسويق التقليدي الاعتماد على الإعلانات المباشرة والرسائل المعلبة، يفرض الشباب المغربي من جيل زد واقعاً جديداً على العلامات التجارية، حيث لم تعد الحملة الإعلانية المكلفة كافية لكسب ولائهم.
هذا الجيل، المولود بعد سنة 1996، نشأ في فضاء رقمي دائم، قادر على التحقق من أي معلومة في لحظتها عبر هاتفه الذكي، ما يجعله يشكك تلقائياً في أي خطاب تسويقي يفتقر إلى الشفافية والمصداقية.
الدراسة الأكاديمية المنشورة في المجلة الدولية للبحث العلمي (غشت 2024) تحت عنوان “غزو جيل زد في المغرب: إتقان مفاتيح التسويق 4.0” تؤكد أن كسب ثقة هذا الجيل يتطلب من العلامات التجارية أن تظهر كفاعلين صادقين وشفافين، ومنخرطين اجتماعياً، بعيداً عن التركيز التقليدي على حجم الإنفاق الإعلاني فقط.
ويبرز البحث أهمية تبني استراتيجيات قائمة على تحليل البيانات، نظراً للكم الهائل من المعلومات الرقمية التي يتركها هذا الجيل، ما يوفر للشركات فهماً عميقاً لسلوكياته وتفضيلاته.
ويشير إلى أن جيل زد يشكل شريحة استراتيجية للسوق المغربي، ليس فقط لوزنه الديمغرافي الذي يقارب 28 بالمائة من السكان، بل أيضاً لكونه جيلاً رقمياً بامتياز، يعيش في عالم متصل بالشاشات والتطبيقات منذ ولادته.
ويختلف سلوك جيل زد الاستهلاكي جذرياً عن الأجيال السابقة؛ فهم يبحثون عن التجربة الشخصية والمشاركة الفعلية في صناعة صورة العلامات التجارية، عبر المحتوى الذي ينتجونه وينشرونه على المنصات الرقمية.
مقارنة بالأجيال الأخرى، يظل جيل الطفرة السكانية (1946–1964) مخلصاً للمتاجر التقليدية والخدمة المباشرة، بينما أظهر جيل إكس (1965–1977) قدرة على التكيف مع التحولات الاجتماعية والاقتصادية في الثمانينيات، فيما كان جيل واي أو “الميلينيالز” (1978–1995) أول من تبنى التسوق الرقمي بشكل واسع.
وتشير الدراسة إلى أن جيل زد فرض تحولاً جذرياً في التسويق، من “رحلة الزبون” الخطية إلى مسار أكثر دينامية وتكراراً، حيث لم يعد المستهلك مجرد متلقي، بل أصبح شريكاً في صياغة القيمة وإعادة إنتاج الرسائل التسويقية.
وأكد الباحثون أن المصداقية، الشفافية، والانخراط الاجتماعي هي العوامل الأساسية التي تحدد ولاء هذا الجيل وثقته في العلامات التجارية بالمغرب.
وتقدم الدراسة توصيات عملية للشركات المغربية، خصوصاً المقاولات الصغرى والمتوسطة، أبرزها اعتماد استراتيجيات تسويق “أومني-كانال” لدمج القنوات الرقمية وغير الرقمية، الاستثمار في تطوير المهارات الرقمية لفِرق العمل، والاستفادة من المحتوى الذي ينتجه المستخدمون، المعروف بـ “الإثبات الاجتماعي”، حيث يتأثر المستهلك بسلوك الآخرين عند اتخاذ قراراته الشرائية.
كما شددت الدراسة على أهمية مراعاة الخصوصيات الثقافية المحلية عند تصميم الحملات التسويقية لجيل زد المغربي، بما في ذلك القيم الأسرية والاجتماعية والدينية، إلى جانب طموحات هذا الجيل نحو الاستقلالية والابتكار والعدالة الاجتماعية، لضمان فعالية وتأثير الرسائل التسويقية.