دراسة تحذر: خوارزميات الدعم الاجتماعي بالمغرب قد تعزز التقشف وتضيّق دائرة المستفيدين

أشارت دراسة صادرة عن مركز كارنيغي للشرق الأوسط إلى أن رقمنة منظومة الاستهداف الاجتماعي في المغرب، رغم فوائدها في تعزيز الفعالية والتنسيق، تحمل في طياتها مخاطر تعزيز توجهات التقشف وتقليص ميزانيات الحماية الاجتماعية، ما يؤدي إلى تضييق دائرة المستفيدين من شبكات الدعم.
وحذرت الدراسة، التي حملت عنوان “الاقتصاد السياسي للبيانات الاجتماعية: فرص ومخاطر رقمنة منظومة الاستهداف بالمغرب”، من مخاطر تسييس المؤشرات الاجتماعية، واحتمال استخدام آليات الاستبعاد الأوتوماتيكية خلال الفترات الانتخابية لكسب قواعد انتخابية، مما قد يكرس الزبونية السياسية في إدارة الدعم الاجتماعي.
وأوضح الباحث المغربي عبد الرفيع زعنون، معد الدراسة، أن النظام الرقمي الخاص بمعالجة البيانات الاجتماعية، المستخدم في السجل الاجتماعي الموحد والسجل الوطني للسكان، يعتمد على خوارزميات تصدر قرارات شمول أو استبعاد الأسر من الدعم بناءً على مؤشرات رقمية محددة.
وذكر زعنون أن هذه الخوارزميات قد تؤدي إلى استبعاد غير عادل لعدد كبير من الأسر بسبب عيوب تقنية، والفجوة الرقمية، وكذلك المعايير الصارمة المعتمدة، مشيرًا إلى أن النظام لا يأخذ بعين الاعتبار الواقع المعيشي للفئات الهشة، مثل من يمتلك أجهزة بسيطة أو يمارس حرفًا تقليدية، ما يؤدي إلى استبعادهم رغم حاجتهم للدعم.
كما أشار الباحث إلى أن مشروع رقمنة المعطيات الاجتماعية تم بدعم من البنك الدولي عبر مبادرة “تحديد الهوية من أجل التنمية”، حيث حصل المغرب عام 2017 على قرض بقيمة 100 مليون دولار لتمويل تطوير نظم الاستهداف والحماية الاجتماعية.
وبحسب المعطيات الرسمية، بلغ عدد المسجلين في السجل الوطني للسكان نحو 22 مليون شخص، بينما سجل السجل الاجتماعي الموحد حوالي 19 مليونًا، موزعين على 5.2 ملايين أسرة.
وتُستخدم في الخوارزميات مؤشرات مثل امتلاك أراضٍ زراعية غير مستغلة، أو استخدام أجهزة بسيطة، أو شحن الهاتف، أو تجاوز فاتورة الكهرباء 100 درهم، كمعايير لاستبعاد الأسر من الدعم المباشر.
ولفت زعنون إلى تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الذي أظهر أن 92% من الأشخاص غير الأجراء الملزمين بأداء اشتراكات التأمين الصحي تظهر مؤشرات اجتماعية تجعلهم فعليًا ضمن الفئات الهشة، رغم استبعادهم من الدعم.
ودعت الدراسة إلى إعادة النظر في الصيغة الحسابية للمؤشر الاجتماعي التي وضعتها المندوبية السامية للتخطيط، وإلى تعزيز الحماية الحقوقية لخوارزميات الاستهداف، بالإضافة إلى ضرورة “أنسنة” التدبير الرقمي وزيادة مصداقية البيانات الاجتماعية لتقليل الظاهرة الإقصائية للخوارزميات.