دراسة : الشركات المغربية تُعتمد الاستدامة خياراً استراتيجياً لتعزيز التنافسية والابتكار

كشفت دراسة حديثة أجراها الباحثان المغربيان سليمان الدفالي وزهرة اضرضور من جامعة شعيب الدكالي أن عدداً متزايداً من الشركات المغربية باتت تعتمد معايير الاستدامة البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG) كخيار استراتيجي أساسي، وليس مجرد التزام تنظيمي تقليدي.

ووفق الدراسة التي نشرتها منصة The Conversation، بدأت الشركات المغربية منذ عام 2017، عقب إصدار الهيئة المغربية لسوق الرساميل دليلاً عملياً بشأن التقارير غير المالية، في تعزيز التزامها بمعايير ESG، حيث بلغ معدل الامتثال لهذه المعايير نحو 97% بين الشركات المدرجة في بورصة الدار البيضاء عام 2023.

وأشار الباحثان إلى أن الشركات، خاصة تلك العاملة على الصعيد الدولي، تنظر إلى تطبيق معايير الاستدامة كفرصة لتعزيز سمعتها، وتلبية توقعات المستثمرين، والحد من المخاطر البيئية والتنظيمية.

وقد استشهدت الدراسة بمجموعة OCP التي تعتمد حالياً على مصادر طاقة خضراء لتغطية 86% من احتياجاتها الطاقية، مع خطة طموحة لتحقيق الاعتماد الكامل على الطاقة المتجددة بحلول عام 2028، إلى جانب استثماراتها في تقنيات تحلية المياه وإعادة تدويرها.

وأوضحت الدراسة أن الاستثمار في الاستدامة قد ينطوي في البداية على تكاليف إضافية، إلا أنه يفتح آفاقاً على المدى البعيد لتقليل المخاطر، وتعزيز الابتكار، والحفاظ على تنافسية مستدامة.

كما بينت الدراسة أن بعض التحديات، مثل نقص الخبرة أو كلفة إعداد التقارير، يمكن أن تتحول إلى محفزات للتكوين وتعزيز الشراكات مع فاعلين دوليين.

وأبرزت الدراسة أهمية التكيف مع الخصوصيات الوطنية داخل الإطار المحلي المغربي، حيث تتولى مؤسسات مثل بنك المغرب، والهيئة المغربية لسوق الرساميل، وبورصة الدار البيضاء، والاتحاد العام لمقاولات المغرب، دعم هذا التوجه عبر مبادرات التمويل الأخضر وبرامج موجهة للمقاولات الصغيرة والمتوسطة.

كما سلطت الدراسة الضوء على أهمية التنوع والشمولية داخل هياكل الحوكمة، لا سيما تعزيز مشاركة المرأة، كمفتاح لتطبيق ناجح لمعايير ESG، مستشهدة بتجربة بنك BMCE Bank of Africa في هذا المجال.

وختمت الدراسة بتوصيات تركز على تحفيز الشركات ذات الأداء الجيد في الاستدامة، وتبسيط المتطلبات التنظيمية للمقاولات الصغيرة، وتسريع توظيف التكنولوجيا لتعزيز جودة تقارير ESG.

وفي مؤشر واضح على تقدم المغرب في الاقتصاد الأخضر، أشارت الدراسة إلى توقيع اتفاقية استثمارية بقيمة 1.3 مليار دولار عام 2024 مع مجموعة Gotion High-Tech لإنشاء وحدة إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية، مما يعكس مكانة المملكة كوجهة واعدة في مجال التنمية المستدامة داخل إفريقيا.