جيل ألفا.. من نقود الجيب إلى سوق استهلاكي بقيمة مليارات الدولارات

جيل ألفا، جيل “الأطفال بلا نقود”، ليسوا مجرد مستهلكين صغار، بل قوة اقتصادية صاعدة تُعيد تشكيل ملامح الأسواق. فمن الحصالة التقليدية إلى المحافظ الرقمية، ومن قروش الحلوى إلى مليارات الدولارات، كيف تحوّل هذا الجيل إلى محرك أساسي في الاقتصاد العالمي؟
كانت الحصّالة هي الرمز الأهم لادخار مصروف الطفل، لكن هذا المشهد تغير تمامًا.
اليوم، أصبح الأطفال يسيطرون على إنفاقهم عبر تطبيقات وأجهزة لوحية، وحصّالاتهم الرقمية تمتلئ بأموال افتراضية. هذا التحوّل جعل من مصروف الجيب جزءًا من قوة شرائية هائلة، تُقدّر بمليارات الدولارات سنويًا، ما يجعلها هدفًا لكبرى العلامات التجارية.
جيل ألفا، وهو الجيل المولود بين عامي 2010 و2024، هو أول جيل ينشأ في عالم رقمي بالكامل. هذا الارتباط العميق بالتكنولوجيا يمنحهم وعيًا ماليًا مبكرًا، حيث أصبحوا يتقنون التعامل مع الأموال الرقمية ببراعة.
وفقًا لمجلة فوربس، هذا الجيل يعتمد على التطبيقات والبطاقات المدفوعة مسبقًا بدلاً من النقود التقليدية. وفي آسيا والمحيط الهادئ، كشف تقرير لـ ماستركارد أن 94% من أطفال هذا الجيل يمتلكون حسابات مالية، سواء كانت محافظ رقمية، أو حسابات استثمارية، أو بطاقات ائتمان.
على الرغم من صغر سنهم، يفرض أبناء جيل ألفا حضورًا اقتصاديًا قويًا يوجه خيارات الأسر ويؤثر على الشركات. في الولايات المتحدة وحدها، يتجاوز إنفاق هذا الجيل 100 مليار دولار سنويًا، ويؤثرون على ما يقارب نصف قرارات إنفاق الأسر.
فبحلول عام 2029، من المتوقع أن تتجاوز بصمتهم الاقتصادية العالمية 5.46 تريليون دولار، وفقًا لتقديرات شركة McCrindle.
هذا التأثير لا يقتصر على الإنفاق فحسب، بل يمتد إلى القرارات المالية. 44% من الآباء باتوا يعتمدون على المال الرقمي تحت تأثير أبنائهم.
كما أن الأطفال يتعلمون عن المال من خلال الألعاب الرقمية التي تتضمن عملات افتراضية، ما يمنحهم فهمًا مبكرًا لمفاهيم الكسب والإنفاق والادخار.
يُعَدّ المؤثرون على الإنترنت من أهم مصادر المعلومات لجيل ألفا. 55% من الأطفال يرغبون في شراء منتج شاهده نجمهم المفضل على يوتيوب أو إنستغرام.
كما أن بعض الأطفال، من خلال قنواتهم الخاصة، أصبحوا مؤثرين صغارًا يجنون أموالاً طائلة. رايان كاجي، الطفل المؤثر الذي بدأ بمقاطع بسيطة لفتح صناديق الألعاب، حقق إيرادات بلغت 35 مليون دولار في عام 2025.
ورغم الفرص الهائلة، يثير هذا التوجه مخاوف تتعلق بحقوق الطفل. منظمات حقوقية حذرت من أن تحويل حياة الأطفال اليومية إلى محتوى عام قد يعرضهم لضغوط نفسية وانتهاك للخصوصية، ما دفع بعض الأصوات إلى المطالبة بسن قوانين لحماية الأطفال المؤثرين على الإنترنت، ووصفت الظاهرة بـ “عمالة الأطفال”.
يُظهر جيل ألفا استعدادًا للتعامل مع المنتجات المالية المبتكرة. الشركات والمصارف باتت تتسابق لتقديم حلول مصممة خصيصًا لهم، مثل المحافظ الإلكترونية والحسابات الاستثمارية المبسطة. هذا الجيل، الذي يعتبر أكثر إلمامًا بالعملات المشفرة من آبائهم، هو المستهلك المستقبلي الذي سيعيد تشكيل المشهد المالي العالمي.
إن فهم سلوكيات جيل ألفا يمثل فرصة ثمينة للشركات والمؤسسات المالية. فمن خلال بناء علاقة مبكرة معهم وتوفير أدوات مالية تلامس احتياجاتهم، يمكن لهذه الكيانات أن تضمن ولاءً طويل الأمد، وتستعد لاقتصاد الغد الذي سيكون رقميًا بالكامل.



