تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية يُزلزل العلاقات الأمريكية البرازيلية ويهز الأسواق

أدى إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على واردات البرازيل إلى انهيار العملة المحلية للبلاد، في تصعيد ملحوظ في النزاع مع أكبر دولة في أمريكا اللاتينية ورئيسها اليساري لويس إيناسيو لولا دا سيلفا.
وجاء القرار في تغريدة لترامب عبر حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث ربط فرض الرسوم بالدعم الأمريكي للرئيس السابق جايير بولسونارو، خصم لولا وزعيم اليمين، الذي يواجه محاكمة بتهمة محاولة انقلاب عقب خسارته الانتخابات في 2022.
وأشار ترامب إلى أن قراره جاء جزئياً كرد فعل على ما وصفه بـ”الهجمات الخبيثة على الانتخابات الحرة وحرية التعبير في أمريكا”، في إشارة إلى التهم الموجهة ضد بولسونارو.
تجدر الإشارة إلى أن بولسونارو، الذي يُعتبر من أبرز أنصار ترامب، متهم بقيادة منظمة إجرامية بعد أحداث شغب عقب الانتخابات البرازيلية التي قورنت بمحاولة التمرد في واشنطن عام 2021. وقد ناشد بولسونارو ترامب أكثر من مرة لتقديم الدعم وسط تصاعد أزمته القانونية.
رد فعل الأسواق كان سريعاً، حيث انخفض الريال البرازيلي بنحو 3% مقابل الدولار الأمريكي عقب الإعلان، فيما تراجع صندوق “iShares MSCI Brazil ETF”، أكبر صندوق أميركي يراقب الأسهم البرازيلية، بنحو 2% في التداولات بعد الإغلاق.
يُذكر أن البرازيل كانت تستعد لفرض رسوم جمركية متبادلة بنسبة 10%، وفق نظام أعلنه ترامب في أبريل الماضي، إلا أن هذه الرسوم الجديدة تمثل زيادة حادة وتجاوزاً كبيراً.
الرسوم المرتفعة تأتي في ظل استياء خاص من ترامب، إذ على عكس العديد من الدول التي تستهدفها سياساته، لا تسجل البرازيل فائضاً تجارياً مع الولايات المتحدة، مما يشير إلى دوافع سياسية بجانب التجارة.
وبالنظر إلى التأثيرات الاقتصادية، تعتبر الولايات المتحدة ثاني أكبر شريك تجاري للبرازيل بعد الصين، وقد توجه الرسوم الجمركية ضربة لعدد من القطاعات الحيوية مثل الصلب، ومعدات النقل والطائرات، والمعادن.
وفي أعقاب القرار، تراجعت إيصالات الإيداع لشركة الطائرات البرازيلية “إمبراير” بنسبة 9% في التداولات خارج أوقات السوق.
المحللون حذروا من تبعات القرار على العلاقات السياسية، حيث وصف بعضهم خطوة ترامب بأنها قد تقوض شراكة تاريخية بين البلدين، رغم الاختلافات الأيديولوجية.
سولانج سرور، رئيسة الاقتصاد الكلي للبرازيل في “يو بي إس لإدارة الثروات”، أكدت أن “هذه الرسوم المرتفعة قد تجعل التصدير للبرازيل إلى أمريكا غير مجدٍ في كثير من الحالات”، مشيرة إلى تأثيرات أعمق تتعدى الجانب التجاري.
ردًا على الأزمة، استدعى الرئيس لولا دا سيلفا كبار مستشاريه، بمن فيهم وزراء المالية والخارجية والصناعة، إلى اجتماع طارئ في القصر الرئاسي.
من الناحية السياسية، تأتي هذه الخطوة بعد أيام من تهديد ترامب بفرض رسوم على دول مجموعة بريكس بسبب سياساتها التي وصفها بالمعادية لأمريكا، فيما انتقد قادة بريكس، في قمة ريو دي جانيرو التي استضافها لولا، السياسات التجارية الأمريكية والحملات العسكرية، مع الحفاظ على حذر في نقد الولايات المتحدة بشكل مباشر.
في تطور لافت، زاد ترامب مؤخراً من دعم بولسونارو معلناً عن “الاضطهاد السياسي” الذي يتعرض له، ومطالباً بوقف المحاكمة التي وصفها بـ”مطاردة ساحرات”.
بدوره، رد لولا على ترامب واصفاً تهديداته بأنها “غير مسؤولة”، داعياً إلى تقليل الاعتماد على الدولار في التجارة العالمية.
وقد استدعت وزارة الخارجية البرازيلية القائم بأعمال الولايات المتحدة لتقديم توضيحات حول هذه التطورات.
من الجدير بالذكر أن البرازيل تتميز عن دول أخرى استهدفتها سياسة ترامب، حيث تسجل عجزًا تجارياً مع الولايات المتحدة، إذ بلغت واردات أمريكا من البرازيل نحو 42 مليار دولار عام 2024، مقابل 44 مليار دولار واردات البرازيل من أمريكا.
على صعيد التجارة الزراعية، تستورد الولايات المتحدة لحوماً بقيمة 1.4 مليار دولار من البرازيل، مع ارتفاع واردات اللحوم خلال الأشهر الأولى من 2025 مقارنة بالعام السابق، كما تعتمد على منتجات استوائية مثل البن والكاكاو التي لا تنتجها الأراضي الأمريكية، حيث بلغت واردات البن وحدها نحو ملياري دولار العام الماضي.
في المجمل، تعكس هذه الخطوة الأمريكية تصعيدًا سياسيًا وتجاريًا قد يعيد تشكيل العلاقات بين البلدين، مع تأثيرات محتملة على الأسواق والاقتصادين الأمريكي والبرازيلي على حد سواء.