أظهرت الحسابات الوطنية للقطاعات المؤسساتية لسنة 2024 أن 89.2% من الدخل المتاح للأسر المغربية يذهب مباشرة للاستهلاك النهائي، وهي نسبة صادمة تكشف عن حالة هشاشة مالية واضحة.
هذا الاستنزاف شبه الكامل للدخل يترك ملايين العائلات بهامش ضئيل للغاية لإدارة ميزانياتها أو تكوين مدخرات لمواجهة الأزمات الاقتصادية المحتملة وتقلبات الأسعار.
بلغ إجمالي الدخل المتاح للأسر 1,059.7 مليار درهم خلال 2024، مسجلاً ارتفاعًا بنسبة 6.7%. ومع ذلك، فإن هذه الزيادة شهدت تباطؤًا مقارنة بعام 2023 الذي سجل ارتفاعًا قدره 8.7%.
ويأتي هذا التباطؤ في وقت لا تزال فيه أسعار السكن والغذاء والنقل تمثل عبئًا كبيرًا على ميزانيات الأسر، رغم انخفاض معدل التضخم إلى 0.9% خلال العام نفسه.
تُظهر المعطيات أن 45.3% من دخل الأسر مصدره الأجور، فيما يمثل الدخل المختلط، بما يشمل الأنشطة الصغيرة وغير المهيكلة والسكن، نسبة كبيرة تصل إلى 39.4%.
هذا الاعتماد على مصادر دخل غير مستقرة يجعل الأسر أكثر عرضة للتقلبات الاقتصادية. بالإضافة إلى ذلك، يذهب نحو 17.6% من الدخل المتاح لتغطية الضرائب والمساهمات الاجتماعية، ما يقلص من القدرة الفعلية للأسر على الادخار أو الاستثمار في مواجهة المخاطر.
رغم ارتفاع الدخل الفردي إلى 28,808 درهم سنويًا، فإن معدلات الاستهلاك المرتفعة تمتص أي أثر للتحسن. ووفق التقرير، لم يتجاوز معدل الادخار 11.3%، في حين ارتفع صافي تدفق القروض البنكية الممنوحة للأسر إلى 13 مليار درهم، في مؤشر واضح على لجوء الكثير من العائلات إلى الاقتراض لتغطية النفقات الأساسية.
يشدد التقرير على أن هذا الوضع يجعل الأسر المغربية شديدة الهشاشة أمام أي ارتفاع مفاجئ في الأسعار أو تكاليف الخدمات الأساسية.
ورغم تحسن القدرة الشرائية بمقدار 5.1 نقاط خلال 2024، لا يزال هناك خلل واضح بين نمو الاقتصاد ومستوى المعيشة، ما يثير علامات استفهام حول فعالية سياسات الدعم الاجتماعي ونجاعة آليات الحماية المطبقة.
ويخلص التقرير إلى أن استمرار اعتماد الأسر على دخل محدود مقابل نفقات متزايدة يفرض على الحكومة إعادة تقييم برامج الحماية الاجتماعية لضمان قدرة الأسر على مواجهة التحديات الاقتصادية المستقبلية.
