تقرير : المغرب يستثمر في البنية التحتية والابتكار ليصبح مركزًا تكنولوجيًا إقليميًا

في خضم التحولات التكنولوجية العالمية المتسارعة، يعكف المغرب على تعزيز مكانته كقوة محورية في مجال الرقمنة، مستفيدًا من موقعه الجغرافي الذي يربط بين قارات إفريقيا وأوروبا.
هذا التحول الرقمي ليس مجرد تطور تقني، بل هو تحول اقتصادي وجيوسياسي يعزز قدرة المملكة على أن تكون منصة رقمية إقليمية وعالمية.
حسب التقارير الصحفية الإسبانية، لم يعد التحول الرقمي في المغرب مقتصرًا على تحسين خدمات الإنترنت أو رقمنة الإدارات الحكومية فقط، بل أصبح ركيزة أساسية لاقتصاد رقمي متكامل، ونافذة لفرص كبيرة على الساحة العالمية.
تسعى المملكة من خلال هذا التحول إلى توسيع آفاق الاستثمار التكنولوجي، مع ضمان تحقيق الاستقلالية في السيادة المعلوماتية.
وتعتبر استثمارات المغرب الضخمة في البنية التحتية الرقمية من أهم ركائز هذا التحول. فقد شهدت البلاد توسعًا ملحوظًا في شبكات الألياف البصرية، إضافة إلى تغطية شاملة لشبكات الجيل الرابع، مع التحضير للانتقال إلى الجيل الخامس.
وقد تم إنشاء مراكز بيانات متطورة تسهم في توفير بيئة ملائمة للابتكار التكنولوجي ودعم الشركات العالمية التي تسعى إلى الاستقرار في شمال إفريقيا.
الموقع الجغرافي للمغرب، الذي يربطه بكابلات بحرية مع قارات أوروبا وإفريقيا وأمريكا، يضاعف من دوره كمحور حيوي في تدفق البيانات العالمية.
و تدعم الحكومة المغربية هذا الاتجاه عبر سياسة وطنية رقمية شاملة تتضمن مبادرات مبتكرة مثل “المغرب الرقمي”، التي تهدف إلى خلق بيئة تحفز على الابتكار والاستثمار في مجال التكنولوجيا.
وتستمر الحكومة المغربية في تبني حوافز جبائية وإدارية، لتهيئة المناخ المناسب لدعم الشركات الناشئة.
كما تم تعزيز ممارسات الحكومة الإلكترونية بهدف زيادة الشفافية وتقريب الإدارة من المواطنين. ويعتبر مشروع “كازا فاينانس سيتي” و”تكنوبارك” أمثلة بارزة على جهود المملكة لجذب الشركات العالمية في مجالات التعهيد والخدمات المالية والتكنولوجية.
على مستوى القوى البشرية، يولي المغرب أهمية كبيرة لتكوين الكفاءات في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)، حيث يتم تطوير المناهج التعليمية والمراكز المهنية لتشمل المهارات الرقمية المطلوبة في السوق العالمية.
كما يشكل التعدد اللغوي، الذي يشمل العربية، الفرنسية، الإنجليزية، والإسبانية، ميزة تنافسية هامة خاصة في قطاع التعهيد.
كما يبرز المغرب في مجالات التكنولوجيا المالية (فينتك)، حيث يشهد القطاع توسعًا ملحوظًا في الدفع الرقمي والبنوك الافتراضية. وإلى جانب ذلك، يعزز المغرب مكانته كوجهة رئيسية لخدمات التعهيد العالمية بفضل استقراره السياسي وتنافسية تكاليفه.
ولا تقتصر رقمنة المغرب على القطاعات المالية فقط، بل تشمل أيضًا الطاقة المتجددة والزراعة. حيث يتم استخدام الرقمنة في إدارة الشبكات الذكية ومراقبة استخدام المياه، بالإضافة إلى تطبيق تقنيات “AgriTech” التي تسهم في تحسين الإنتاجية الزراعية.
ورغم النجاحات التي تحققت، يواجه المغرب عددًا من التحديات المهمة. من أبرز هذه التحديات تقليص الفجوة الرقمية بين المناطق الحضرية والقروية، وتحفيز الشركات الصغيرة والمتوسطة على تبني الحلول الرقمية.
كما أن هناك حاجة ماسة لتطوير إطار قانوني مرن يواكب التسارع في التحول الرقمي، ويضمن حماية البيانات الشخصية وتعزيز الأمن السيبراني.
وفي المستقبل، يتوقع أن يحقق المغرب تقدمًا ملحوظًا في مجالات الذكاء الاصطناعي، البيانات الضخمة، وإنترنت الأشياء.
إذا استمر في اتباع هذا النهج الطموح، فإن المغرب سيكون في موقع مثالي لقيادة التحول الرقمي في القارة الإفريقية، ولعب دور استراتيجي في ربط أوروبا وإفريقيا والعالم عبر شبكة رقمية متطورة.