تقرير : إهمال المقاولات الصغرى قد يُفقد الاقتصاد 40 ألف وحدة إنتاجية في 2025

في ظل تصاعد الأزمات التي تعيشها مختلف شرائح الاقتصاد المغربي، عادت المقاولات الصغرى إلى الواجهة، لا كقاطرة محتملة للنمو، بل كقطاع منهك ومهدد بالانهيار الجماعي، حسب ما كشفته الهيئة المغربية للمقاولات الصغرى خلال ندوة صحفية عقدت اليوم الجمعة بالعاصمة الرباط.
الندوة سلطت الضوء على الواقع المقلق الذي يعيشه هذا القطاع الحيوي، الذي يمثل أكثر من 95% من النسيج المقاولاتي الوطني، ويوفر حوالي 70% من مناصب الشغل، ويسهم بما يزيد عن 40% من الناتج الداخلي الخام.
ورغم هذه الأرقام التي تعكس الأهمية البنيوية للمقاولات الصغرى، إلا أن واقعها اليومي يشهد هشاشة متزايدة تنذر بانفجار اجتماعي واقتصادي إن لم تتخذ تدابير عاجلة.
وبحسب المعطيات التي قدمتها الهيئة، فإن عدد حالات الإفلاس في صفوف هذه الفئة من المقاولات سجل ارتفاعًا حادًا، إذ انتقل من نحو 10.500 حالة سنة 2021 إلى 14.000 في عام 2023، قبل أن يقفز إلى 33.000 حالة في 2024، وسط توقعات بتجاوز 40.000 حالة بنهاية سنة 2025. هذا التسارع في وتيرة الإغلاق يعكس عمق الأزمة البنيوية التي يعاني منها هذا القطاع.
الدراسة الميدانية التي أنجزتها الهيئة وشملت 670 مقاولة صغيرة موزعة على مختلف جهات المملكة، أبرزت أن نحو 90% من المقاولات تجد صعوبات كبيرة في الولوج إلى التمويل، بسبب الشروط الصارمة وضمانات البنوك.
كما صرحت 76% منها بأنها تواجه أعباء اجتماعية لا تتناسب مع حجم أنشطتها، خاصة ما يتعلق بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والضريبة على الدخل.
أما على مستوى النظام الضريبي، فقد عبرت 74% من المقاولات المستجوبة عن عدم رضاهن بسبب تعقيد الإجراءات وغياب حوافز تتماشى مع طبيعة المقاولات الصغرى.
واشتكت 70% من تأخر آجال الأداء، وهو ما يؤدي إلى اختناق مالي مستمر، في حين أشار أكثر من 80% إلى تأثير المنافسة غير الشريفة من القطاع غير المهيكل على قدرتهم على البقاء في السوق.
ومن بين المعطيات المثيرة للقلق، أكدت 97% من المقاولات أنها لم تستفد من دعم المؤسسات العمومية للمشاركة في المعارض الدولية، كما أن 52% لم تنخرط في أي برنامج للتكوين أو تطوير القدرات.
وعلى مستوى الصفقات العمومية، أكدت 70% من المقاولات أنها لم تتمكن من المشاركة فيها، مما يعكس ضعف انخراطها في منظومة الطلب العمومي رغم مساهمتها الجوهرية في الاقتصاد الوطني.
الندوة شكلت كذلك مناسبة لاستعراض خلاصات اليوم الدراسي المنعقد بمجلس النواب في 18 يونيو 2025، حيث أكدت الهيئة على ضرورة توحيد المرجعية الحكومية المكلفة بالمقاولات الصغرى، وتسريع إخراج النصوص التنظيمية ذات الصلة، مع تبسيط ورقمنة المساطر الإدارية.
ومن بين أبرز التوصيات التي رفعتها الهيئة:
-
إحداث مراكز جهوية للتكوين والمواكبة.
-
تشجيع البنوك على تخصيص جزء من تمويلاتها للمقاولات الصغرى بشروط مرنة.
-
تخصيص 30% من الصفقات العمومية لهذه الفئة.
-
مراجعة بعض اتفاقيات التبادل الحر بما يضمن حماية المنتوج الوطني.
-
تسهيل ولوج هذه المقاولات إلى الأسواق الخارجية.
واختتم اللقاء بالإعلان عن التأسيس الرسمي للشبكة المغربية للمنظمات والهيئات المهنية للمقاولات الصغرى، كإطار تنسيقي وطني يروم تعزيز التشبيك بين الفاعلين، والترافع من أجل تمثيل حقيقي لهذه المقاولات داخل المجالس الوطنية، والمساهمة في صياغة السياسات العمومية ذات الصلة.
وتجدر الإشارة إلى أن 48% من المقاولات التي شملها الاستطلاع حديثة النشأة (أقل من ثلاث سنوات)، و21% منها تتراوح أعمارها بين ثلاث وخمس سنوات، بينما لم تتجاوز نسبة المقاولات التي استطاعت الصمود لأكثر من خمس سنوات عتبة 30%، مما يعكس عمق التحديات البنيوية التي تهدد بقاء واستمرارية هذا القطاع.