تعرفة 50٪ على النحاس.. كيف ستعيد الولايات المتحدة رسم خريطة الإنتاج والتوريد العالمية؟

في خطوة مفاجئة تعكس تصاعد الحمائية الاقتصادية، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على واردات النحاس، تدخل حيز التنفيذ بداية شهر غشت المقبل.

القرار، الذي برّره ترامب بمخاوف تتعلق بالأمن القومي وأهمية المعدن في الصناعات الدفاعية والتكنولوجية، يُنذر بتداعيات واسعة النطاق على أسواق المعادن وسلاسل التوريد العالمية.

شهد الإنتاج العالمي للنحاس قفزة نوعية خلال العقود الخمسة الماضية، حيث ارتفع من 5.9 مليون طن متري في عام 1970 إلى نحو 23 مليون طن في عام 2024.

ويُعزى هذا النمو المتسارع إلى الطفرة في الطلب على النحاس لاستخدامه الحيوي في الصناعات الكهربائية، تكنولوجيا الطاقة المتجددة، البطاريات، والسيارات الكهربائية، إلى جانب التقدم في تقنيات استخراج المعدن وتوسّع مشاريع إعادة التدوير.

تحتل تشيلي موقع الصدارة في قائمة الدول المنتجة للنحاس، بإجمالي إنتاج يصل إلى 5.3 مليون طن في عام 2024. وتليها جمهورية الكونغو الديمقراطية بـ3.3 مليون طن، ثم بيرو بـ2.6 مليون طن، فيما تُسجل كل من الولايات المتحدة، الصين، وإندونيسيا حضورًا قويًا في السوق العالمية.

أكبر الدول المنتجة للنحاس في عام 2024

رغم أن الولايات المتحدة تُعد واحدة من كبار المنتجين للنحاس، أصر ترامب على ضرورة تقليص الاعتماد على الخارج وتعزيز الإنتاج المحلي، موجهًا انتقادات حادة للإدارات السابقة التي “تخلّت عن الصناعة الوطنية”، حسب تعبيره.

وأوضح أن النحاس عنصر أساسي في تصنيع أشباه الموصلات والطائرات والمعدات العسكرية، ما يستدعي تحصينه من تقلبات الأسواق الخارجية.

الضربة الأقوى ستطال تشيلي، التي تُعد المورد الأول للنحاس إلى السوق الأميركية، حيث شكّلت صادراتها نحو 64% من واردات واشنطن من المعدن في عام 2023.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تستحوذ على أقل من 7% من إجمالي صادرات النحاس التشيلية، إلا أن حجم السوق الأميركي وتأثيره الرمزي والاقتصادي يجعل من الرسوم الجديدة تهديدًا حقيقيًا لصادراتها، والتي بلغت قيمتها نحو 5.72 مليار دولار في 2024.

أكبر الدول الموردة للنحاس إلى الولايات المتحدة في 2023

يثير القرار الأميركي مخاوف واسعة في أوساط المصنعين والمستثمرين، خصوصًا في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة التي تعتمد بشكل أساسي على النحاس.

فمع احتمال ارتفاع تكلفة الاستيراد، قد تواجه الشركات الأميركية تحديات إضافية في الإنتاج والتسعير، ما قد ينعكس بدوره على المستهلكين وعلى تنافسية الولايات المتحدة في الأسواق العالمية.

بين الرغبة في إعادة بناء الصناعات الوطنية ومخاطر التوتر التجاري مع الشركاء الرئيسيين، يضع قرار ترامب بفرض رسوم على واردات النحاس العالم أمام اختبار جديد في سباقه نحو تأمين الموارد الحيوية وتجنب أزمة في المواد الخام الصناعية.