تعثر تنفيذ أحكام التعرضات العقارية في المغرب.. واقع التحديات ومقترحات الحل

تشير دراسة حديثة إلى أن تنفيذ الأحكام القضائية المتعلقة بالتعرضات العقارية في المغرب يواجه سلسلة من العقبات المادية والقانونية التي تعيق عمل المحافظين العقاريين.
ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى مخاوف هؤلاء المحافظين من تحمل المسؤولية القانونية والمهنية، إلى جانب تحديات تتعلق بعدم وضوح حدود التعرضات، وتعقيدات تتصل بتعارض بعض الأحكام مع قوانين التعمير وعدم جواز التصرف في بعض أنواع الأملاك العقارية.
وقد أظهرت الدراسة المنشورة في العدد الأخير من مجلة “قراءات علمية في الأبحاث والدراسات” تحت عنوان “تنفيذ الأحكام القضائية في التعرضات العقارية.. التحديات القانونية والإكراهات العملية”، أن أبرز هذه التحديات المادية تتمثل في صعوبة تحديد وعاء التعرض بدقة خلال المرحلة الإدارية، مما يستدعي إحالة الملف إلى المحكمة المختصة وفقًا للفصل 25 من ظهير التحفيظ العقاري.
كما تُعرقل صعوبات تنفيذ الأحكام المتعلقة بالتعرضات الجزئية، خصوصًا عندما يطرأ تغيير على وعاء العقار المتعرض عليه، إذ لا يسمح القانون بإجراء تحديد تكميلي بعد صدور الحكم.
وذكرت الدراسة كذلك أن عدم تحديد نسبة حقوق المشاع بين المتعرضين بدقة يؤدي إلى تعطيل إعداد الخلاصة الإصلاحية، إذ يضطر الأطراف إلى الرجوع مجددًا إلى القضاء لحسم الخلافات، كما تعيق النزاعات بين متعرضين على العقار نفسه عمل المحافظ في تحديد صاحب الحق القانوني.
على الصعيد القانوني، أشارت الدراسة إلى تعارض بعض الأحكام القضائية مع نصوص قانونية خاصة، أبرزها مخالفة قوانين التعمير، ولا سيما قانون التجزئات وقانون الملكية المشتركة. كما أن بعض الأملاك، مثل الأملاك العامة وأراضي الجموع والأحباس، تُعتبر غير قابلة للتصرف أو التقسيم قانونيًا.
وسلط الباحث محمد العزاوي، معد الدراسة، الضوء على القيود المفروضة على تجزئة الأراضي الفلاحية، استنادًا إلى ظهير 1995 الذي يمنع تقسيم الأراضي الزراعية إلى قطع تقل مساحتها عن خمسة هكتارات، بالإضافة إلى حظر تملك الأجانب للعقارات الفلاحية خارج الدوائر الحضرية وفقًا لظهير 1975.
كذلك توقّف التنفيذ القضائي في حالات صدور قرار نزع الملكية، حيث يحل التعويض المالي محل التنفيذ.
وأكدت الدراسة أن هذه العوائق القانونية تجعل تنفيذ بعض الأحكام المتعلقة بالأراضي الفلاحية شبه مستحيل، رغم اكتسابها لقوة الشيء المقضي به، مشيرة إلى إمكانية الطعن أو إيقاف الأحكام المخالفة لهذه الضوابط.
وختمت الدراسة بتقديم مجموعة من التوصيات التشريعية العاجلة، منها جعل الطلب التأكيدي مجانياً لدعم الملاك الذين يعانون من ضائقة مالية، وتمديد آجال التعرض مع إقرار إمكانية قبول التعرض الاستثنائي، إلى جانب النص الصريح على اختصاص القضاء بالفصل في النزاعات بين المتعرضين، وذلك لتفادي إطالة إجراءات المسطرة وضمان مزيد من الأمن القانوني والعقاري.