تصاعد التوترات الجيوسياسية يضغط على الأسواق ويعزز صعود النفط والدولار

شهدت الأسواق العالمية تراجعاً في الأسهم وسط ارتفاع ملحوظ للدولار، مع لجوء المستثمرين إلى الأصول الآمنة نتيجة تصاعد المخاوف من احتمال تدخل أمريكي في النزاع المتصاعد بين إيران وإسرائيل. هذا التصعيد عزز موجة صعود قوية في أسعار النفط خلال الأسبوع الحالي.
قفزت أسعار النفط بأكثر من 10% منذ منتصف يونيو، حيث أشار تقرير صادر عن “جولدمان ساكس” إلى أن علاوة المخاطر الجيوسياسية بلغت حوالي 10 دولارات للبرميل.
وحذر التقرير من أن استمرار توسع الصراع قد يدفع خام برنت لتجاوز حاجز 90 دولارًا للبرميل، خصوصاً في حال تعرض إمدادات النفط للانقطاع عبر مضيق هرمز، الذي يعد ممراً حيوياً لشحن النفط العالمي.
أنهى الذهب جلسة تداولات 13 يونيو عند أعلى مستوى في تاريخه، مسجلاً 3452.80 دولار للأوقية، قبل أن يتراجع بأكثر من 1% نتيجة الغموض المحيط بموقف الولايات المتحدة من التدخل العسكري في الشرق الأوسط، مما أضعف الطلب على السلع الأساسية.
و في المقابل، سجل البلاتين ارتفاعاً إلى أعلى مستوى له منذ نحو 11 عامًا، مقتربًا من 1300 دولار للأوقية، حيث بحث المستثمرون عن بدائل أقل تكلفة للذهب.
شهدت الأسهم الأمريكية تراجعًا تجاوز 1% منذ 12 يونيو وحتى قبل افتتاح جلسة الجمعة. في أوروبا، انخفضت المؤشرات الرئيسية بنحو 1.8%. في آسيا، سجل مؤشر “نيفتي 50” الهندي انخفاضاً طفيفاً بنسبة 0.4%، بينما ارتفع مؤشر “نيكي 225” الياباني بنسبة 0.6%، وزاد مؤشر “سي إس آي 300” الصيني بنحو 1.15%.
ارتفع الدولار الأمريكي مقابل العملات الكبرى بأقل من 1%، في حين هبط الدولاران الأسترالي والنيوزيلندي، المرتبطان عادة بحس المخاطر، بنسبة تقارب 1%.
وعلى الرغم من ذلك، فقد خسر الدولار الأمريكي نحو 9% من قيمته منذ بداية العام، في ظل حالة من عدم اليقين حول موثوقية إدارة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” كشريك تجاري.
ثبّت بنك إنجلترا سعر الفائدة، مما أضعف الجنيه الإسترليني، بينما خفض البنك المركزي النرويجي الفائدة بشكل مفاجئ بمقدار ربع نقطة مئوية، مما أثر سلبًا على الكرونة النرويجية.
على الجانب الآخر، حافظ البنك الوطني السويسري على سعر الفائدة عند الصفر دون التحول إلى النطاق السالب، ما دعم أداء الفرنك السويسري وأدى لتراجع الدولار أمامه.
ارتفعت توقعات الأسواق للتضخم في منطقة اليورو خلال الفترة الممتدة من خمس إلى عشر سنوات، إلى أعلى مستوياتها في نحو شهر، في ظل المخاوف من أن ارتفاع أسعار النفط قد يزيد الضغوط التضخمية مستقبلاً.
من المتوقع أن تواجه دول مثل تركيا، الهند، باكستان، المغرب، ومعظم دول شرق أوروبا ضغوطاً اقتصادية كبيرة نتيجة ارتفاع تكاليف النفط.
في المقابل، ستستفيد دول مصدرة للنفط مثل دول الخليج، نيجيريا، أنغولا، وفنزويلا، بالإضافة إلى دول أمريكا اللاتينية كالبرازيل وكولومبيا والمكسيك، من زيادة الإيرادات النفطية.
مع دلائل على قوة الاقتصاد العالمي، تتجه البنوك المركزية إلى تشديد أو المحافظة على سياسات نقدية متشددة لكبح التضخم المتصاعد. وفي هذا السياق، يسهم ارتفاع أسعار النفط في تعزيز التضخم بدلاً من خفضه، خصوصاً مع تصاعد النزعات الحمائية واعتماد السياسات المالية التوسعية في بعض الدول.