الاقتصادية

ترامب يوقف عجلة الرياح: قطاع الطاقة المتجددة في مواجهة العاصفة السياسية

مع عودته إلى البيت الأبيض، لم يضيع دونالد ترامب الوقت في إحداث تغييرات جذرية في سياسات الطاقة، مستهدفًا قطاع الرياح بضربة قاسية.

بقرار تنفيذي، أوقف تأجير الأراضي الفيدرالية والتصاريح لمشاريع الرياح الجديدة، مما دفع شركات كبرى مثل شل وتوتال إنرجيز وأورستيد إلى حالة من الغموض المالي، حيث تواجه شطب مليارات الدولارات من استثماراتها، وسط مشهد يزداد تعقيدًا.

تجميد التصاريح لم يكن مجرد إجراء إداري، بل خطوة استراتيجية تعكس رؤية ترامب الصريحة تجاه طاقة الرياح، التي وصفها في خطاب جماهيري بأنها “طواحين هواء قبيحة تدمر الأحياء”.

الآن، تواجه الوكالات الفيدرالية، مثل سلاح المهندسين بالجيش وإدارة الطيران الفيدرالية ومكتب إدارة الأراضي، حالة من عدم اليقين بشأن دورها في منح التراخيص، مما يعيق تقدم مشاريع عملاقة مثل مشروع “لافا ريدج” في أيداهو.

وبالنسبة لمطوري الطاقة المتجددة، فإن غياب الوضوح في السياسات المستقبلية يشكل تهديدًا وجوديًا، لا سيما مع فقدان الحوافز الضريبية التي أقرها قانون بايدن لخفض التضخم. وكما أوضح ديفيد هندمان من شركة أليكس بارتنرز: “الجميع بحاجة إلى يقين… لكن ما نملكه الآن هو ضبابية قاتلة”.

لا يقتصر نهج ترامب على إبطاء نمو طاقة الرياح، بل يسعى إلى إعادة أمريكا إلى عصر الهيمنة على الوقود الأحفوري.

أولى خطواته تضمنت الانسحاب مجددًا من اتفاقية باريس للمناخ، يليها إلغاء القيود على التنقيب عن النفط والغاز في المناطق البحرية. رؤيته واضحة: “ستصبح أمريكا دولة صناعية عظيمة مرة أخرى، ولدينا موارد لا تملكها أي دولة أخرى على وجه الأرض”.

لكن رغم بيئة التنظيم المواتية التي يعد بها، تبقى مسألة ضخ المزيد من النفط والغاز في السوق بيد الشركات الخاصة، التي قد لا تجد دافعًا اقتصاديًا للعودة إلى نهج “الحفر بلا حدود” في ظل ديناميكيات السوق الحالية.

الحقيقة أن صناعة الرياح لم تكن في أفضل حالاتها حتى قبل قرارات ترامب. فارتفاع التكاليف، وتعثر سلاسل التوريد، وارتفاع أسعار الفائدة، كلها عوامل أضعفت قدرة المشاريع على تحقيق الجدوى الاقتصادية.

وحتى مع الدعم الفيدرالي، ألغى العديد من المطورين مشاريع كبرى بسبب تجاوز التكاليف، مما زاد من هشاشة القطاع.

رغم تجميد الدعم الفيدرالي، لا تزال بعض الولايات – مثل تكساس وأيوا – تستثمر بقوة في طاقة الرياح بفضل جدواها الاقتصادية المحلية. وربما تتعرض طاقة الرياح البحرية لضغوط كبيرة، لكن المشاريع البرية والطاقة الشمسية قد تستمر في النمو، لا سيما مع سعي شركات الطاقة إلى تنويع مصادرها كتحوط ضد تقلبات سوق الوقود الأحفوري.

في الوقت الحالي، تجد صناعة الرياح الأمريكية نفسها في مأزق: لا تصاريح جديدة، ولا حوافز ضريبية، ومستقبل غير واضح. ترامب أعلن بوضوح أن الوقود الأحفوري عاد إلى مقعد القيادة، وعلى الصناعة أن تجد طريقة للنجاة في هذه العاصفة السياسية والاقتصادية. السؤال الأكبر: هل ستنجح الولايات والشركات في سد الفجوة، أم أن طاقة الرياح ستدخل مرحلة الركود الطويل؟

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى