تراجع مخاوف التضخم يمنح ترامب ورقة ضغط جديدة على الفيدرالي قبل اجتماع شتنبر

أدى تقرير التضخم الأمريكي الأخير إلى تهدئة المخاوف من أن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب على الواردات قد تشعل موجة ارتفاعات في الأسعار، الأمر الذي يضع الاحتياطي الفيدرالي أمام معضلة جديدة.
ففي ظل هذا التطور، تتزايد التوقعات بأن البنك المركزي قد يتخلى عن موقفه الحذر القائم على الترقب، وربما يمهد الطريق لاتخاذ قرار بخفض أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل المقرر في السادس عشر والسابع عشر من سبتمبر.
منذ بداية العام، تبنى الفيدرالي بقيادة رئيسه جيروم باول سياسة الانتظار، مفضلاً مراقبة تأثير التعريفات الجمركية على التضخم عبر بيانات الأشهر الصيفية، وتحديداً يونيو ويوليو وأغسطس.
غير أن البيانات الصادرة لشهر يوليو أظهرت استقرار معدل التضخم السنوي عند 2.7%، وهو مستوى ما يزال أعلى من الهدف الرسمي البالغ 2%، لكنه لم يعكس الارتفاع الحاد الذي كان يخشاه بعض الاقتصاديين نتيجة الرسوم.
هذا الاستقرار عزز موقف مؤيدي ترامب الذين يرون أن الرسوم لم تثبت بعد أنها عبء تضخمي، ودفعهم للمطالبة بخفض الفائدة لدعم النمو.
تقرير التضخم الأخير، إلى جانب تقرير الوظائف المخيب للآمال لشهر يوليو والمراجعات السلبية القوية لأرقام مايو ويونيو، أشعل رهانات المستثمرين على خفض وشيك للفائدة.
وتشير بيانات الأسواق المستقبلية إلى أن احتمالية الخفض في اجتماع سبتمبر تجاوزت 94%، وهو مستوى يعكس ثقة كبيرة في أن الفيدرالي سيتحرك قريبًا، خاصة مع تصاعد الضغوط السياسية من البيت الأبيض.
لم يفوت ترامب الفرصة بعد صدور الأرقام، فكرر انتقاداته لباول، متهماً إياه بالتأخر في اتخاذ قرارات داعمة للاقتصاد، ومؤكداً أن هذه المماطلة ألحقت “أضراراً لا تحصى” بالاقتصاد الأمريكي.
ورغم ذلك، شدد ترامب على أن الوضع الاقتصادي “قوي للغاية”، مستشهداً بالبيانات لدحض الانتقادات التي تقول إن الرسوم الجمركية تثقل كاهل المستهلكين، بل ذهب إلى التأكيد أنها لم تُترجم حتى الآن إلى زيادات كبيرة في الأسعار النهائية التي يدفعها المواطن.
لكن بعض المحللين يحذرون من أن الهدوء الحالي في التضخم قد يكون مؤقتاً. فقد توقعت تيفاتي وايلدينج، الخبيرة لدى “بيمكو”، أن التضخم الأساسي قد يصل إلى 3.4% بحلول نهاية العام، مع بدء انتقال أثر التعريفات إلى المستهلكين بشكل أوسع.
وبدوره، أشار بنك “ويلز فارجو” إلى أن البيانات التفصيلية تظهر استمرار تسرب زيادات الأسعار الناجمة عن الرسوم إلى قطاعات مختلفة من الاقتصاد، وهو ما يفرض تحدياً على الفيدرالي لتحقيق توازن بين استقرار الأسعار والحفاظ على قوة سوق العمل.
رغم الإشارات التي توحي بإمكانية التحرك، فإن الانقسام ما يزال قائماً داخل أروقة الفيدرالي بشأن توقيت وحجم أي خفض للفائدة.
فبينما يرى فريق أن الظروف الحالية – بما في ذلك ضعف سوق العمل وتراجع المخاطر التضخمية – تبرر الخفض سريعاً لدعم النشاط الاقتصادي، يفضل آخرون التريث بانتظار بيانات إضافية قد تصدر خلال الأسابيع المقبلة، والتي ستشمل مؤشرات أسعار المستهلكين والمنتجين، وأرقام مبيعات التجزئة، وتقارير جديدة عن الوظائف.
مع بقاء أكثر من شهر على اجتماع لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة، ستظل الأسواق والمراقبون في حالة ترقب لأي مؤشرات جديدة قد تغير مسار القرار.
قبل أكثر من شهر من اجتماع سبتمبر.. هل تدفع بيانات التضخم الفيدرالي لتلبية رغبة ترامب؟ |
||
المحلل/الجهة |
|
التوضيح |
“ريك ريدي” كبير مسؤولي الاستثمار في أدوات الدخل الثابت لدى “بلاك روك” |
|
نتوقع بدء الفيدرالي في خفض الفائدة في سبتمبر، وقد يكون من المبرر خفضها 50 نقطة أساس. |
نومورا هولدينجز |
|
تتوقع شركة الوساطة بدء الفيدرالي في خفض الفائدة خلال سبتمبر بمقدار 25 نقطة أساس، مع خفضها مرتين إضافيتين في ديسمبر ومارس.
|
“كلوديا ساهم” كبيرة الاقتصاديين لدى “نيو سينشري أدفايزرز” |
|
لم يحسم أمر سبتمبر بعد، لم نحصل على البيانات التي تحسم هذا الأمر. |
“سيما شاه” كبيرة الاستراتيجين لدى “برينسيبال آست مانجمنت” |
|
بيانات التضخم لشهر يوليو ليست كافية لمنع الفيدرالي من خفض الفائدة في سبتمبر، هناك بعض الدلائل على انتقال التعريفات إلى أسعار المستهلكين ولكن في هذه المرحلة ليست كبيرة بما يكفي لدق ناقوس الخطر. |
وزير الخزانة الأمريكي “سكوت بيسنت” |
|
يجب على الفيدرالي أن يكون منفتحًا على خفض أكبر للفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في اجتماع سبتمبر.
|
“أولريكه هوفمان-بوشاردي” رئيسة الأسهم لدى “يو بي إس” |
|
مع احتمالية السيطرة على التضخم العام في ظل تباطؤ الاقتصاد، يبقى افتراضنا الأساسي هو استئناف الاحتياطي الفيدرالي تخفيضات الفائدة في سبتمبر. |
“إليس أوسنبو” رئيسة استراتيجية الاستثمار لدى “جيه بي مورجان ويلث مانجمنت” |
|
حذرت من الإفراط في الثقة بشأن الاجتماع القادم، قائلة: الفيدرالي يفكر في اتخاذ خطوة في سبتمبر، لكنني لا أعتقد أن الخفض في ذلك الاجتماع أمر حتمي كما تشير أسعار السوق. وذلك لأن الكثير من البيانات ستصدر حتى ذلك الحين، والتي قد تدفع البنك للتوقف مرة أخرى قبل اتخاذ أي إجراء في الربع الرابع.
|
“بيل آدمز” كبير الاقتصاديين لدى “كوميريكا بنك” |
|
بيانات الوظائف المقرر صدورها أوائل سبتمبر سيكون لها تأثير أكبر على قرار الفيدرالي القادم من بيانات التضخم الأخيرة. |
ويلز فارجو |
|
تظهر تفاصيل البيانات استمرار تسرب زيادات الأسعار المرتبطة بالتعريفات إلى الاقتصاد، وتبرز التحديات التي يواجهها الفيدرالي في جهوده لتحقيق التوازن بين استقرار الأسعار وتحقيق أقصى قدر من التوظيف. |
جيه بي مورجان |
|
توقع البنك الأمريكي قبل صدور البيانات، أن يستأنف الفيدرالي خفض الفائدة في اجتماعه المقبل، بمقدار ربع نقطة مئوية، يليه ثلاثة تخفيضات أخرى بنفس الحجم، ما يخفض الفائدة إلى نطاق يتراوح بين 3.25% و3%. |
“جيف شميد” رئيس الفيدرالي في كانساس سيتي |
|
التضخم لا يزال مرتفعًا للغاية، موضحًا تفضيله اتباع النهج الصبور في خفض الفائدة، وأضاف في خطاب ألقاه بمدينة أوكلاهوما: في حين أن زيادة التعريفات تبدو ذات تأثير محدود على التضخم، فإنني أعتبر هذا مبررًا لتجميد السياسة النقدية.
|
“توم باركين” رئيس الفيدرالي في ريتشموند” |
|
قد نشهد ضغطًا على التضخم، وأيضًا على البطالة، لكن التوازن بينهما لا يزال غير واضح. |
وبينما يواصل ترامب استخدام الملف الاقتصادي كسلاح سياسي للضغط على الفيدرالي، تبقى الإجابة عن السؤال الأبرز معلقة: هل سيرضخ جيروم باول لضغوط البيت الأبيض في سبتمبر، أم سيواصل الالتزام بالنهج الحذر الذي ميز سياسته منذ بداية العام؟
هذا الموقف المعقد يعكس توازنات دقيقة بين السياسة والاقتصاد، ويضع الفيدرالي في موقف حرج قد يحدد مسار أسعار الفائدة والاقتصاد الأمريكي في الأشهر القادمة.