تأثير إعادة انتخاب ترامب على الأسواق المالية والنمو الاقتصادي
من المتوقع أن تؤدي إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية للمرة الـ47 إلى تحولات جذرية في الأسواق المالية، مما سينعكس بشكل كبير على معدلات النمو والتضخم، بالإضافة إلى التأثيرات الكبيرة التي ستطال استراتيجيات المستثمرين.
و مع اقتراب أكبر اقتصاد عالمي من مرحلة جديدة، يتعين على المستثمرين على مستوى العالم الاستعداد لمزيد من التقلبات الاقتصادية في الفترة القادمة.
نايجل جرين، الرئيس التنفيذي لمجموعة deVere للاستشارات المالية، والتي تعتبر من أبرز المؤسسات المستقلة في إدارة الأصول والاستشارات المالية، أشار إلى أن أول يوم لترامب في منصبه قد يشهد توقيع العديد من الأوامر التنفيذية، قد تصل إلى 100 أمر، تهدف إلى تغيير الأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة.
هذه القرارات التي تستهدف فرض التعريفات التجارية، تقليص القيود التنظيمية، وزيادة الإنفاق الدفاعي، من المتوقع أن تثير اضطرابات في الأسواق المالية وتشكل مفاهيم جديدة حول كيفية التصرف في الفترة القادمة.
في مقدمة أولويات ترامب الاقتصادية تأتي إعادة تشكيل السياسة التجارية العالمية، بدءًا بفرض رسوم جمركية على الصين وكندا والمكسيك. وتشير التقارير إلى أنه من المحتمل أن تشهد تلك الدول زيادات فورية قد تصل إلى 25% في الرسوم الجمركية على السلع المتبادلة.
وفي حال تم تنفيذ خطط ترامب الأكثر طموحًا، والتي تشمل إمكانية فرض رسوم جمركية تصل إلى 20% على جميع الواردات، فإن ذلك قد يتسبب في إرباك سلاسل التوريد العالمية، مما يؤدي إلى زيادة التضخم.
وفي ظل هذه التغيرات، يوصي جرين المستثمرين في الشركات متعددة الجنسيات والقطاعات المرتبطة بالتصدير بأن يكونوا على استعداد لمواجهة تحولات السوق المفاجئة.
فعلى الرغم من أن هذه التعريفات ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين، فإنها قد تضطر الاحتياطي الفيدرالي إلى إعادة النظر في استراتيجية رفع أسعار الفائدة لمكافحة التضخم.
تتمثل نقطة أخرى في الأجندة الاقتصادية لترامب في إلغاء العديد من القيود التنظيمية المفروضة خلال فترة رئاسة بايدن، وهي خطوة من شأنها تعزيز بعض القطاعات، لا سيما المالية والطاقة والعملات المشفرة.
ويعتقد جرين أن أسواق الأسهم قد تشهد انتعاشًا في تلك المجالات، خاصةً مع تخفيف القيود على شركات الخدمات المالية، منتجي الوقود الأحفوري، وكذلك العملات الرقمية مثل البيتكوين.
أما في قطاع الدفاع، فيتوقع أن تكون ميزانيات الإنفاق أكثر سخاءً، مما سيوفر فرصًا كبيرة للمستثمرين في قطاعات مثل الفضاء والأمن السيبراني والخدمات اللوجستية.
هذا الإنفاق المتزايد في الدفاع قد يعزز من أسهم الشركات المتخصصة في هذه المجالات، بينما قد يضعف الاستثمار في القطاعات الأخرى.
وفي ظل احتمالية تصاعد التضخم نتيجة لتوجهات ترامب الاقتصادية، يُتوقع أن تزيد جاذبية الأصول الآمنة مثل الذهب.
وقد يدفع تحوّل الصين نحو شراء الذهب وتخفيض اعتمادها على الدولار الأمريكي إلى زيادة الطلب على المعدن النفيس، ما قد يؤدي إلى تسجيل مستويات قياسية جديدة في أسعار الذهب.
في النهاية، من المتوقع أن تكون الأشهر القادمة حافلة بالتحديات حيث يتزايد الضغط الناتج عن السياسات الحمائية، وإلغاء القيود التنظيمية، بالإضافة إلى تداعيات التضخم.
و في هذا السياق، من الضروري أن يكون لدى المستثمرين استراتيجيات متكاملة تشمل التنويع والتركيز على الأصول القادرة على مواجهة التضخم من أجل حماية محافظهم والاستفادة من الفرص المحتملة.
ويختتم جرين حديثه بالتأكيد على أهمية الحصول على استشارات مالية مخصصة لمواكبة هذا التحول الكبير في الاقتصاد الأمريكي والعالمي، والاستفادة من الفرص التي قد تطرأ نتيجة لهذه التغيرات الاقتصادية الواسعة.