بين مؤيد ومعارض.. اقتطاع الضرائب من البنوك يقسم الرأي العام المغربي

عاد جدل مسطرة “الإشعار للغير الحائز” إلى الواجهة في المغرب، بعدما فوجئ عدد من المواطنين وأرباب المقاولات باقتطاعات مباشرة من حساباتهم البنكية، دون أن يتلقوا أي إشعار مسبق يُنذرهم بقرب تنفيذ هذا الإجراء الضريبي.
هذه الواقعة أثارت موجة من التساؤلات حول شفافية التطبيق وحقوق الملزمين.
المعروفة قانونياً باسم Avis à Tiers Détenteur (ATD)، تُعد هذه المسطرة واحدة من أقوى أدوات التحصيل الجبري التي تملكها الإدارة الضريبية، إذ تمكنها من استخلاص ديونها عبر طرف ثالث يحتفظ بأموال المدين، وعلى رأسه الأبناك، التي تُلزم بتحويل المبالغ مباشرة إلى خزينة الدولة.
رغم أن الإجراء يرتكز على نصوص قانونية واضحة، إلا أن الجدل لا يتركز على شرعيته، بل على أسلوب تنفيذه، خصوصاً حين يغيب التبليغ المسبق، ما يضع المعنيين أمام واقع مالي مفاجئ يصعب استيعابه، سواء بالنسبة للأسر أو المقاولات التي تعتمد على سيولة يومية لإدارة نشاطها.
وينص القانون الجبائي المغربي على مبدأ التدرج في التحصيل، بدءاً بالمسطرة الرضائية التي تعتمد إشعار الأداء، ثم إشعار ثانٍ، قبل الانتقال إلى التحصيل الجبري عبر إنذار رسمي، ثم الحجز والتحصيل.
لكن الوقائع الميدانية، بحسب متضررين، توحي أحياناً بقفز هذه المراحل والانتقال مباشرة إلى الاقتطاع.
وقد سبق أن ناقشت المحاكم الإدارية هذا الموضوع، مؤكدةً في اجتهاداتها القضائية على ضرورة احترام التدرج القانوني للمسطرة، واعتبرت أن إشعار الملزم بحقوقه والتزاماته شرط أساسي قبل تفعيل “الإشعار للغير الحائز”، حمايةً لمبدأ الأمن القانوني وثقة المتعاملين مع الإدارة.
تتنوع السيناريوهات المرتبطة بهذه المسطرة؛ فبين من يكون فعلاً متأخراً عن أداء مستحقاته، ومن يكون وضعه الضريبي محل نزاع، أو حتى معفى بموجب القانون، تتحول المسطرة إلى نقطة احتكاك حادة تستدعي في كثير من الأحيان اللجوء إلى القضاء الإداري لوقف التنفيذ أو استرجاع المبالغ المقتطعة.
وفي المقابل، يؤكد مختصون في الشأن الجبائي أن “الإشعار للغير الحائز” ليس إجراءً تعسفياً أو عشوائياً، بل يخضع لشروط دقيقة، ويُفعّل عادة بعد استنفاد المساطر القانونية. وهم يعتبرون أن تضخيم المخاوف من هذا الإجراء دون فهم السياق القانوني قد يؤدي إلى توتر اجتماعي غير مبرر.



