بين طموحات الجيل الخامس وواقع الميزانيات..صراع السيطرة الجوية في المتوسط

تشهد منطقة شمال إفريقيا وجنوب أوروبا سباقًا محمومًا لتحديث القوات الجوية، حيث تسعى كل من إسبانيا، المغرب، والجزائر لتعزيز قدراتها الجوية في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية.
تتنافس هذه الدول على اقتناء أحدث المقاتلات، وتطوير برامجها الدفاعية، مما يعكس الأهمية الاستراتيجية للقوة الجوية في المنطقة.
تعتبر إسبانيا من الدول الرائدة في هذا السباق، حيث تلتزم بتعزيز قدراتها الجوية كجزء من التزاماتها تجاه حلف الناتو. ينفذ سلاح الجو الإسباني برنامج “هالكون الثاني”، وهو المرحلة الثانية من مشروع تحديث طائرات “يوروفايتر ترانش 4”.
يهدف هذا البرنامج إلى زيادة أسطول مقاتلات اليوروفايتر الإسبانية ودمج تقنيات إلكترونية متطورة تعزز من قدراتها القتالية.
و يرى خبراء عسكريون أن طائرات اليوروفايتر تشكل العمود الفقري للقوات الجوية الإسبانية، وأن التحالف مع الناتو يضع إسبانيا في موقع قوة مريح مقارنة بجيرانها في الجنوب، كما أشار العقيد المتقاعد مانويل موراتو.
كما يعتمد المغرب حاليًا على أسطول مكون من 24 طائرة من طراز F-16C بلوك 50، وقد أبرم عقدًا لشراء النسخة الأحدث F-16V بلوك 70، على الرغم من تأخر تسليمها.
و يدرس المغرب أيضًا إمكانية اقتناء طائرات الجيل الخامس الشبحية F-35، لكن خبراء مثل المحلل خيسوس مانويل بيريز تريانا يشككون في قدرته المالية على تحمل تكاليف هذه الطائرات المتطورة، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية.
و يشير بيريز تريانا إلى أن المغرب يواجه “عبئًا ماليًا هائلًا” لمجرد الحفاظ على أسطوله الحالي، حتى مع الدعم الاستراتيجي من إسرائيل والإمارات. هذا يضع حلم إنتاج مقاتلة الجيل الخامس بعيد المنال في الوقت الراهن.
كما تعتمد الجزائر على ترسانة جوية روسية ضخمة، تشمل طائرات Su-30MKA وMiG-29. وقد عززت الجزائر مؤخرًا قدراتها الجوية بإضافة خمس مقاتلات من طراز Su-35، مما يجعلها واحدة من أقوى القوات الجوية في إفريقيا.
تسعى الجزائر أيضًا للحصول على المقاتلة الشبح الروسية Su-57، على الرغم من الشكوك حول قدرة روسيا على تصدير هذه التكنولوجيا المتقدمة في ظل الأزمة الأوكرانية.
و شهدت الجزائر ارتفاعًا كبيرًا في الإنفاق العسكري، حيث احتلت المرتبة الثالثة عالميًا في الشحنات العسكرية لعام 2024، متفوقة على دول مثل إسرائيل وأوكرانيا، ويعزى ذلك جزئيًا إلى عائدات الغاز الكبيرة.
تؤكد تحليلات الخبراء أن إسبانيا تحتل الصدارة “على الورق” في سباق التسلح الجوي هذا، تليها الجزائر ثم المغرب. ومع ذلك، فإن الفارق الحقيقي لا يقتصر على عدد الطائرات أو نوعها، بل يكمن في عوامل مثل جودة الطيارين، القدرة على الصيانة، الاستقلال اللوجستي، وبرامج التدريب.
تواجه المغرب تحديات كبيرة في الصيانة وتعتمد على خدمات خارجية، بينما عملت الجزائر على تعزيز استقلاليتها في هذا المجال.
تتمتع إسبانيا بميزة هيكلية واضحة بفضل عضويتها في حلف الناتو وامتلاكها لصناعة دفاعية محلية متطورة، مما يمنحها أفضلية في مجالات الإلكترونيات والوصول إلى المعدات والأنظمة المتقدمة.