اقتصاد المغربالأخبار

بين الكوارث الطبيعية و أزمة الشباب.. سؤال يطفو: لماذا تعجز الحكومة عن التواصل ؟

تصاعد الغضب الشبابي في المدن المغربية خلال عطلة نهاية الأسبوع، وامتداده ليوم الاثنين، ليشكل موجة احتجاجات واسعة يقودها لأول مرة “جيل Z” (الجيل الرقمي). هذه التعبئة غير المسبوقة عكست تزايد منسوب السخط الشعبي تجاه الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتردية.

لقد رفع هذا الحراك شعارات قوية تطالب بحلول وبدائل فورية لمشاكل البطالة وارتفاع الأسعار، واضعاً حكومة عزيز أخنوش أمام اختبار صعب.

ومع ذلك، كان الرد الحكومي هو الصمت المطبق والغياب التام عن المشهد التواصلي، ما فاقم الأزمة.

حتى اللحظة، لم يخرج أي مسؤول حكومي لتوضيح رؤية السلطة التنفيذية أو فتح قنوات للحوار الجاد مع المحتجين والرأي العام، وهو ما وصفه المراقبون بـ”سياسة النعامة”.

هذا التكتم الحكومي ليس بمعزل عن سياقه؛ بل هو تكرار لنمط أثار انتقادات لاذعة لطريقة تعاطي الحكومة مع الأزمات الكبرى.

هذا التباطؤ في الاستجابة يضاعف من حدة الانتقادات الموجهة للحكومة ويقوي خطاب المعارضة الذي يرى فيه دليلاً دامغاً على “فشل مشروع الدولة الاجتماعية”.

يشير المحللون إلى أن هذه الاحتجاجات ليست سوى حلقة جديدة في سلسلة طويلة من المواقف التي أظهرت، في رأيهم، ضعفاً واضحاً في إدارة الأزمات والتواصل من قبل الحكومة. ويتذكر الشارع المغربي سيناريوهات سابقة اتسمت بغياب الوزراء عن الميدان والإعلام في اللحظات الأكثر حرجاً:

  • زلزال الحوز (شتنبر2023): غياب الوزراء عن التفاعل المباشر لأيام بعد الكارثة اعتُبر “جرحاً إضافياً” للضحايا، وخلق مقارنات غير موفقة مع سرعة استجابة قادة دول أخرى لكوارث مماثلة.
  • أحداث الفنيدق (شتنبر2024): تكرر الغياب الحكومي عقب المواجهات العنيفة التي اندلعت إثر محاولات الهجرة الجماعية نحو سبتة، مما زاد من حالة الاحتقان دون أي تفسير رسمي.

اليوم، يجد فريق أخنوش نفسه في مواجهة جيل رقمي يمتلك أدوات التعبئة الحديثة ويتابع المستجدات “لحظة بلحظة” عبر شبكات التواصل، ويطالب بردود سريعة وشفافة.

وبحسب المراقبين، فإن عدم خروج وزراء القطاعات الاجتماعية والاقتصادية بإيضاحات يُنظر إليه كإشارة على عجز الحكومة عن التواصل الفعال مع هذا الجيل الذي يطالب بجرأة سياسية أكبر في التعاطي مع المطالب الشعبية.

يؤكد خبراء سياسيون أن هذا “الغياب التواصلي” المستمر لا يزيد إلا في تغذية الشكوك حول قدرة السلطة التنفيذية على التفاعل الإيجابي مع التحولات الاجتماعية المتسارعة. الصمت لم يعد خياراً مقبولاً في وجه مطالب وجودية تتعلق بالبطالة وارتفاع الأسعار و “ضيق الأفق” الذي يواجه آلاف الشباب.

في المقابل، تتصاعد الدعوات من قبل الهيئات الحقوقية والسياسية المطالبة بـفتح حوار وطني جاد ومسؤول.

فسياسة الصمت الحكومي، التي يرى فيها المعارضون وقوداً للاحتقان، يجب أن تستبدل بـمدخل للتهدئة يعترف بوجود الأزمة ويشرع في معالجتها بشكل شفاف ومباشر. هل ستتمكن الحكومة من كسر حاجز الصمت والبدء في حوار قبل أن تتسع شرارة “جيل الغضب”؟

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى