بين العقوبات والتهريب.. كيف تبني الصين أحد أكبر مجمعات الذكاء الاصطناعي في شينجيانغ؟

في ظل سعي الصين الحثيث لتعزيز موقعها العالمي في مجال الذكاء الاصطناعي، تتقدم منطقة شينجيانغ بخطوات واسعة نحو بناء مجمع بيانات ضخم يُعد من الأكبر في البلاد.
وتأتي هذه الخطوة في وقت تخضع فيه الصين لعقوبات أمريكية صارمة على صادرات أشباه الموصلات، إلا أن بكين تتحدى هذه القيود عبر تجهيز مجمعها بأكثر من 115 ألف رقاقة ذكاء اصطناعي من شركة “إنفيديا” الأمريكية، حيث يُتوقع أن تتركز هذه الرقائق بشكل كبير في منشأة واحدة في شينجيانغ.
وكشف تحليل لوكالة “بلومبرج” أن هذا المجمع قد يُستخدم في تدريب نماذج لغوية كبيرة ومتقدمة مثل تلك التي تطورها شركة “ديب سيك” الصينية، مما يشكل دفعة قوية لقدرات الحوسبة في الصين، رغم أن طاقته لا تزال أقل بكثير مقارنة بمراكز البيانات الضخمة في الولايات المتحدة.
تثير هذه الخطوة جدلاً واسعاً في الأوساط الأمريكية، خصوصاً مع فرض واشنطن قيوداً على تصدير رقائق “إنفيديا” المتطورة إلى الصين منذ 2022، خوفاً من أن تمنح هذه التكنولوجيا المتقدمة الصين تفوقاً عسكرياً قد يهدد الأمن الأمريكي وحلفائه.
لا تزال التفاصيل حول كيفية حصول الشركات الصينية على هذه الرقائق المحظورة غير واضحة، حيث لم تصدر تصاريح رسمية من الحكومة الأمريكية تسمح ببيعها، والجهات المعنية ترفض التعليق على هذه القضية الحساسة.
مصادر أمريكية مطلعة على التحقيقات تؤكد عدم علمها المسبق بإنشاء هذا المجمع في شينجيانغ، رغم تأكيد وجود رقاقات محظورة في الصين، ولا توجد أدلة واضحة على وجود شبكة تهريب واسعة النطاق لهذه الشرائح.
تختلف التقديرات داخل إدارة بايدن بشأن عدد رقاقات “إنفيديا” المحظورة في الصين، حيث يتحدث مسؤولون كبار عن وجود نحو 25 ألف رقاقة، وهو رقم يُعتبر أقل إثارة للقلق على الصعيد الأمني.
ترى “إنفيديا” أن الاعتماد على شرائح مهربة لبناء مجمع بيانات ضخم قد لا يكون مجدياً من الناحية التقنية أو الاقتصادية، مشيرة إلى توفر رقاقات وخوادم محلية الصنع في الصين من شركات مثل “هواوي”.
على النقيض، تؤكد السلطات الأمريكية وجود تهريب للرقاقات، حيث أعلنت وزارة التجارة ومكتب الصناعة والأمن أن هذه الظاهرة حقيقية، رغم عدم ذكر اسم “إنفيديا” بشكل مباشر في تقاريرها.
على الرغم من هذه العقبات، تواصل الصين تطوير مراكز بيانات ضخمة تعتمد على شرائح تسريع الذكاء الاصطناعي التي تهيمن عليها “إنفيديا”، وهي العناصر الرئيسية التي ترفع قيمة الشركة السوقية إلى أكثر من 4 تريليونات دولار.
حتى مع نجاح المشروع، من المتوقع أن يظل مجمع شينجيانغ أقل حجماً مقارنة بمراكز البيانات الأمريكية الكبرى، لكن التجارب الصينية مثل شركة “ديب سيك” أظهرت قدرة عالية على تحقيق نتائج فعالة بموارد أقل، ما قد يمنح الصين ميزة تنافسية في مجال الذكاء الاصطناعي على المدى الطويل.