الاقتصادية

بنك إنجلترا : كبير الاقتصاديين يحذّر من الاعتماد على البيانات القصيرة في تقييم التضخم

حذّر هيو بيل، كبير الاقتصاديين في بنك إنجلترا، من الاعتماد الزائد على البيانات الاقتصادية قصيرة الأجل عند اتخاذ قرارات السياسة النقدية، مؤكّدًا أن تلك المؤشرات غالبًا ما تكون “متقلبة ومشوَّشة” ولا تعكس بدقة الاتجاه الحقيقي لتراجع الضغوط التضخمية في الاقتصاد البريطاني.

ويأتي هذا الموقف في وقت يتصاعد فيه الجدل داخل البنك المركزي حول توقيت بدء خفض أسعار الفائدة، خاصة في ظل تباطؤ سوق العمل وتراجع غير منتظم في قراءة التضخم خلال الأشهر الأخيرة.

شهد الاجتماع الأخير للجنة السياسة النقدية انقسامًا حادًا بنتيجة 5 أصوات مقابل 4 لصالح الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، حيث صوّت بيل ضمن الأغلبية المتمسكة بالتثبيت.

وكان المحافظ أندرو بيلي قد لمح إلى احتمال دعم خفض الفائدة في اجتماع ديسمبر، لكن القرار يبقى مشروطًا بوضوح البيانات الاقتصادية المنتظرة خلال الأسابيع المقبلة، لا سيما ما يتعلق بالأجور والبطالة.

أوضح بيل، خلال مشاركته في فعالية نظمتها شركة “ناتيكسيس” الفرنسية، أنه لا يرى أن الضغوط التضخمية الأساسية مرتفعة إلى المستوى الذي يعكسه التضخم الكلي البالغ 3.8%.

إلا أنه شدّد على أن وتيرة تباطؤ التضخم جاءت أبطأ من توقعات بنك إنجلترا، رغم تراجع نمو الأجور وارتفاع البطالة—وهما عاملان أساسيان في تقييم مسار الأسعار.

وأشار بيل إلى أن جزءًا من التشويش في البيانات يعود إلى صعوبات يواجهها مكتب الإحصاءات الوطنية في جمع ومعالجة الأرقام، ما يجعل تفسير التحركات قصيرة الأجل مسألة معقّدة قد تضلل صانعي السياسات إن لم تُقرأ ضمن اتجاهات أوسع.

وأكد أن هذه الضبابية تتطلب حذرًا أكبر عند تقييم مسار التضخم، مع ضرورة تجنّب النظر لأي تغيرات سريعة باعتبارها انعكاسًا لتحولات هيكلية في الاقتصاد.

تُظهر هذه التصريحات حجم التحدي الذي يواجهه بنك إنجلترا في الموازنة بين السيطرة على التضخم والبدء في دورة خفض الفائدة دون التسبب في اضطرابات مالية.

فالاقتصاد البريطاني يقف عند نقطة حساسة تتداخل فيها عوامل عديدة، من بينها تقلبات أسعار الطاقة، وضعف النمو، والتذبذب في العملة، ما يجعل قراءة البيانات بدقة مسألة أكثر أهمية من أي وقت مضى.

وتنسجم هذه المقاربة الحذرة مع توجه عالمي متزايد بين البنوك المركزية، التي باتت تُركز على الاتجاهات طويلة الأجل بدلًا من المؤشرات القصيرة التي قد تعكس عوامل مؤقتة أو موسمية.

وبين انقسام اللجنة وتذبذب البيانات، يبقى قرار الفائدة البريطاني لشهر ديسمبر أحد أبرز الملفات الاقتصادية المنتظرة في القارة الأوروبية خلال الأسابيع المقبلة.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى