الاقتصادية

بعد الضربات النووية على إيران.. هل تدخل الأسواق العالمية مرحلة جديدة من التقلبات والتصعيد؟

شهدت الأسواق العالمية ردود فعل متباينة بعد الضربات الأمريكية الأخيرة التي استهدفت منشآت نووية إيرانية، أقل حدة مقارنة بالتوترات التي سبقت تلك الضربات حين نفذت إسرائيل هجمات على دفاعات إيران الجوية والبنية التحتية للصواريخ.

فهل نحن أمام مرحلة جديدة من استراتيجية الردع العسكري الأمريكية؟ وما هي تداعيات هذه التطورات على الاقتصاد العالمي؟

في خطوة علنية، أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عبر منصة “تروث سوشيال” نجاح العمليات العسكرية التي استهدفت ثلاثة مواقع نووية في إيران هي فوردو، نطنز، وأصفهان، داعيًا في الوقت ذاته إلى تغيير القيادة الإيرانية، مما أثار الكثير من التساؤلات حول الأهداف السياسية وراء هذه الضربات.

تشير التوقعات إلى أن إغلاق مضيق هرمز من قبل إيران قد يدفع بأسعار النفط إلى مستويات تتجاوز 100 دولار للبرميل. فعلى سبيل المثال، شهد سوق النفط خلال جلسة الاثنين تقلبات ملحوظة، حيث ارتفع خام برنت بنسبة 6% متجاوزًا 81 دولارًا قبل أن يتراجع قليلاً.

مثل هذا الارتفاع الحاد في أسعار النفط قد يعيد التضخم في الولايات المتحدة إلى مستوى 5%، وهو الأعلى منذ مارس 2023، مما قد يدفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى إعادة النظر في مسار رفع أسعار الفائدة وسياساته النقدية.

تعاني الدول التي تعتمد بشكل كبير على واردات الطاقة، لا سيما في آسيا، من ضغوط كبيرة مع ارتفاع أسعار النفط، حيث يترتب على ذلك زيادة في معدلات التضخم وتباطؤ في النمو الاقتصادي، فضلاً عن خطر انقطاع الإمدادات في ظل التصعيد المستمر.

في هذا السياق، يرى الخبير الاقتصادي إد يارديني أن التطورات الجيوسياسية لم تغير قناعته بسوق صاعد مستمر في الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن الضربات الأمريكية تعزز من استراتيجية الردع العسكري وترفع من مصداقية شعار “السلام عبر القوة”، مع توقع وصول مؤشر “إس آند بي 500” إلى 6500 نقطة بحلول نهاية 2025.

ازداد الإقبال على الأصول الآمنة مثل الدولار، الذهب، والسندات الحكومية، في حين شهدت العملات المشفرة تراجعًا حادًا، إذ تم تصفية مراكز مالية بقيمة تتجاوز مليار دولار خلال 24 ساعة فقط.

تؤدي التوترات الجيوسياسية إلى زيادة مخاطر حركة الشحن العالمية، مما يرفع من تكاليف التأمين ويضاعف الأعباء على شركات النقل، بدءًا من ارتفاع تكاليف الوقود إلى طول مدة الرحلات.

أعرب خبراء صينيون عن قلقهم من أن أي إغلاق لمضيق هرمز قد يوحد المواقف الدولية ضد إيران، ويهدد الإمدادات الحيوية التي تعتمد عليها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، مما قد يدفع الولايات المتحدة إلى مزيد من التصعيد.

تعززت مكانة ترامب أمام روسيا مع هذه التطورات، فبالرغم من التحالف الاستراتيجي بين موسكو وطهران، لم تتجاوز روسيا حدود التصريحات الدبلوماسية، مما يمنح واشنطن فرصة لمواصلة الضغط بهدف تسريع إنهاء النزاع في أوكرانيا.

رغم إعلان واشنطن عن نجاح الضربات، يرى محللون أن تقييم الأثر الحقيقي على البرنامج النووي الإيراني يحتاج إلى مزيد من المعلومات الاستخباراتية والتحقيقات الميدانية، ويظل رد طهران مرتبطًا بشدة بالأضرار الفعلية التي تلقتها المنشآت.

في ظل هذه المتغيرات، يبقى السؤال مفتوحًا: كيف سيؤثر هذا المشهد على الاقتصاد العالمي في الأشهر القادمة؟ هل نشهد بداية حقبة من الاستقرار بعد فرض قواعد جديدة للردع، أم أن الأزمة ستزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي العالمي؟

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى