الاقتصاديةالتكنولوجيا

برين فور كير: ثورة في الكشف المبكر عن أمراض الدماغ بالذكاء الاصطناعي

لا يزال الدماغ البشري يمثل حصنًا منيعًا ولغزًا معقدًا للعلم، لا يمكن اختراقه إلا في مراحل متأخرة من الأمراض أو عبر جراحات محفوفة بالمخاطر.

لكن اليوم، يفتح التقاء الهندسة الطبية الحديثة والذكاء الاصطناعي نافذة جديدة على هذا العالم الخفي. لقد كشفت الأبحاث عن علامة حيوية مبتكرة قد تُغير قواعد اللعبة في طب الأعصاب، مقدمة أملًا جديدًا لملايين الأشخاص حول العالم.

الأمراض العصبية، مثل السكتات الدماغية، والخرف، والصداع المزمن، هي أسباب رئيسية للإعاقة والوفاة عالميًا.

غالبًا ما يبدأ العلاج في مراحل متأخرة، حيث لا تظهر الأعراض إلا بعد حدوث ضرر كبير. تكمن المشكلة ليس في نقص المعرفة الطبية، بل في غياب الأدوات التي تتيح الكشف المبكر والمراقبة المستمرة.

حتى وقت قريب، كان قياس الضغط داخل الجمجمة (ICP) إجراءً جراحيًا مخصصًا لحالات العناية المركزة، مما يترك ملايين المرضى المعرضين للخطر دون مراقبة فعالة، وتضيع بذلك فرص الإنقاذ المبكر.

لمواجهة هذا التحدي، ظهر ابتكار علمي فريد من البرازيل يُدعى “برين فور كير”. يوفر هذا الابتكار مراقبة مستمرة وغير جراحية لضغط الدماغ داخل الجمجمة في الوقت الحقيقي.

تُمكّن هذه التقنية الأطباء من تحليل موجات الضغط داخل القحف، مما يتيح فهمًا عميقًا لـ “مطاوعة الدماغ” — وهي قدرة الدماغ على التكيف مع تغيرات الضغط والحجم عبر آليات معقدة كدوران السائل الدماغي وتدفق الدم.

عندما تتجاوز هذه الآليات حدودها، يرتفع الضغط داخل الجمجمة بشكل خطير، مما يؤدي إلى تلف دماغي قد يكون غير قابل للعلاج. هنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي، الذي يحلل بيانات الموجات بدقة متناهية، مستخلصًا مؤشرات عصبية هامة تساعد على التشخيص المبكر.

وقد أكدت دراسة حديثة منشورة في مجلة Digital Medicine قدرة الذكاء الاصطناعي على ربط هذه الموجات غير الجراحية بقيم الضغط الفعلية، فاتحة آفاقًا واسعة لتشخيص الأمراض العصبية بكفاءة غير مسبوقة.

كما تشير تقارير منظمة الصحة العالمية ودورية The Lancet Neurology إلى أن الاضطرابات العصبية هي السبب الأول للإعاقة والسبب الثاني للوفاة المبكرة في العالم. هذه أرقام مقلقة:

السكتة الدماغية أثرت على أكثر من 100 مليون شخص عام 2019، بتكلفة اقتصادية تخطت 2 تريليون دولار.

إصابات الدماغ الرضحية تسبب إعاقات دائمة لأكثر من 50 مليون شخص، مع خسائر اقتصادية تصل إلى 400 مليار دولار سنوياً.

New AI Discovery: The Hidden Factors Behind Faster Brain Aging

استسقاء الرأس سوي الضغط يتطلب علاجًا دائمًا، مما يضاعف الضغط على أنظمة الرعاية الصحية، مع ازدياد انتشاره مع التقدم في العمر.

وسط هذه الأرقام الصادمة، يبرز السؤال: كيف نتحول من رد الفعل إلى الوقاية؟

تقنية “برين فور كير”، التي تم اختبارها وتوثيقها في أكثر من 110 دراسة، وحصلت على موافقات تنظيمية دولية مثل FDA، تمثل أكثر من مجرد أداة طبية. إنها دعوة لإعادة التفكير في مفهوم رعاية الأمراض العصبية، من إدارة الأزمات إلى الوقاية المبكرة.

هذه التقنية تتيح:

إجراء فحوصات منتظمة للمسنين المعرضين لخطر التدهور العصبي.

مراقبة دقيقة للمرضى بعد إصابات الرأس أو العمليات الجراحية.

دعم الأبحاث والدراسات العصبية ببيانات دقيقة وجديدة.

توسيع نطاق الرعاية المتقدمة إلى المناطق النائية وقليلة الموارد.

باختصار، يوفر هذا الابتكار فرصة غير مسبوقة لاكتشاف التغيرات الفسيولوجية التي تسبق الأزمات العصبية، ما يفتح الباب أمام منع الإعاقة بدلاً من مجرد علاجها.

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى