باول يطمئن الأسواق: طفرة الذكاء الاصطناعي مختلفة عن فقاعة “دوت كوم”

في ظل تصاعد المخاوف من احتمال تكرار سيناريو فقاعة الإنترنت الشهيرة في أواخر التسعينيات، خرج رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، جيروم باول، لتقديم طمأنة إلى وول ستريت، مؤكدًا أن طفرة الذكاء الاصطناعي الحالية تختلف جذريًا عن الفترات السابقة من الانفجارات الاقتصادية.
وأوضح باول في تصريحاته الأسبوع الماضي أن الشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي تحقق أرباحًا فعلية، وليست مجرد أفكار نظرية كما كان الحال مع شركات الإنترنت قبل نحو عقدين.
وأشار رئيس الفيدرالي إلى أن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي أصبح أحد أهم المحركات للنمو الاقتصادي في الولايات المتحدة، مؤكدًا أن هذه الطفرة ليست نتيجة سياسات نقدية تيسيرية أو خفض أسعار الفائدة، بل تعكس قناعة طويلة الأجل بقدرة التكنولوجيا على زيادة الإنتاجية وتعزيز النشاط الصناعي.

كما لفت إلى أن إنفاق الشركات على تطوير مراكز البيانات والمعدات الخاصة بالذكاء الاصطناعي يمثل محركًا حقيقيًا للاقتصاد، مع زيادة الطلب على الطاقة والبنية التحتية، ما يبرهن على أن تأثير الذكاء الاصطناعي يمتد إلى الاقتصاد الفعلي وليس مجرد بيانات افتراضية.
رغم تهدئة باول، يرى بعض المحللين أن هناك أوجه تشابه مع فقاعة الإنترنت، حيث كانت شركات مثل “مايكروسوفت” و”إنتل” تحقق أرباحًا قوية قبل انفجار الفقاعة، لكنها فقدت أكثر من نصف قيمتها السوقية فيما بعد.
البيانات التاريخية تؤكد أن كبرى الشركات في ذروة فقاعة الإنترنت سجلت مبيعات بمليارات الدولارات وأرباحًا ملموسة، لكن التقييمات المبالغ فيها أدت إلى انهيار واسع النطاق.
من جهة أخرى، تشير الإحصاءات إلى أن نحو 25 من أكبر 30 شركة مدرجة في “ناسداك” كانت تحقق أرباحًا قبل الانهيار، ما يظهر أن الفقاعة لم تكن ناتجة عن شركات خاسرة بقدر ما كانت نتيجة تضخم مفرط في التقييمات.
يحذر بعض المحللين اليوم من الإفراط في تقييم شركات الذكاء الاصطناعي، فبينما تحقق شركات مثل “إنفيديا” أرباحًا قياسية، تسجل أخرى خسائر، ما يثير تساؤلات حول استدامة المكاسب.
وتقديرات “جيه بي مورجان” تشير إلى أن الإنفاق على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي قد يضيف نحو 0.2% للنمو الاقتصادي الأمريكي العام المقبل، نتيجة زيادة بناء مراكز البيانات وتصاعد الطلب على الطاقة.

وفي سياق متصل، يرى “جولدمان ساكس” أن الاستثمار الحالي في القطاع لا يزال أقل من ذروة الدورات التكنولوجية السابقة، إذ يمثل أقل من 1% من الناتج المحلي الأمريكي مقارنة بنسبة تراوحت بين 2% و5% خلال فترات الازدهار التكنولوجي السابقة.
التشابه بين فقاعة الإنترنت الحالية وطفرة الذكاء الاصطناعي يكمن في الإفراط في التقييم وصعوبة التنبؤ بالشركات القوية القادرة على الصمود. ومع تزايد رهانات المستثمرين دون وضوح العوائد طويلة الأجل، يحذر المحللون من أن السوق قد يكون على شفا فقاعة جديدة قد تنفجر إذا تباطأ النمو أو تراجعت شهية المستثمرين للمخاطرة.




