الاقتصادية

النفط الأميركي بين فائض المعروض وتحديات الإنتاجية: مرحلة مؤقتة قبل ارتفاع الأسعار

على الرغم من أن النفط الصخري في الولايات المتحدة كان المحرك الأساسي لنمو المعروض العالمي على مدار العقد الماضي، إلا أن إنتاجه لا يزال يتأثر بشكل مباشر بقرارات تحالف “أوبك+”، والسعودية تحديدًا.

فقرار التحالف بالتخلي السريع عن التخفيضات السابقة أدى إلى ضخ أكثر من مليوني برميل يوميًا إضافية في السوق خلال فترة قصيرة، ما تسبب في تراكم المخزونات العالمية وانهيار أسعار النفط.

المشهد متكرر: فائض كبير في المعروض يستغرق عامًا أو أكثر لتصريفه، ومع توقع المتعاملين الحصول على أي برميل إضافي بسهولة، تنهار الأسعار.

ومع ذلك، كما يحدث دائمًا، يعود النشاط إلى التكيف. فقد قلّلت شركات النفط الصخري من نشاطها، سواء في البر أو البحر، للحفاظ على رأس المال استعدادًا للانعكاس المقبل.

لكن أسعار الخام ليست العامل الوحيد المؤثر على الاستكشاف والإنتاج؛ فتكاليف الإمداد والإنتاجية تلعب دورًا كبيرًا في قرارات الشركات بشأن الإنفاق الرأسمالي وزيادة الحفر.

وإذا كان التاريخ مؤشرًا، فإننا اليوم في مرحلة قاع أسعار النفط من منظور التكاليف والإنتاجية. هذا لا يمنع احتمال المزيد من التراجع في الأسعار، إلا أن العوامل الأساسية تشير إلى اتجاه نحو أسعار أعلى قريبًا.

مع دخول الثلث الأخير من 2025، تشير بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية (EIA) إلى استقرار الإنتاج وربما بدايته في الانخفاض. حتى 8 أغسطس، بلغ إجمالي الإنتاج الأميركي 13.327 مليون برميل يوميًا، بانخفاض 2% عن الذروة المسجلة في ديسمبر 2024.

ومن هذا الإنتاج، يأتي أكثر من 9.6 مليون برميل يوميًا من أكبر خمس ولايات منتجة: تكساس، نيومكسيكو، داكوتا الشمالية، أوكلاهوما، ويوتا، مع التركيز الكبير على النفط الصخري.

الأسباب وراء توقف نمو الإنتاج المستمر متعددة، من بينها فائض المعروض وانخفاض الأسعار، تقلص المواقع عالية الجودة، تأثير الاندماجات والاستحواذات، أو حتى الرسوم الجمركية. وكل هذه العوامل تلعب دورًا في تقلبات السوق.

ويشير روب كونورز من “ذي كروود كرونيكلز” إلى نقطة انعطاف مهمة: ارتفاع تكاليف الإمداد وانخفاض إنتاجية الآبار يضع ضغوطًا لزيادة الأسعار مستقبلًا. ففي 2024، ارتفعت إنتاجية الآبار لدى أكبر المنتجين غير الأعضاء في أوبك بنسبة 3% فقط، وهو أبطأ معدل نمو في 14 عامًا، رغم مستويات الإنتاج القياسية.

ومع انخفاض معدل نمو الإنتاجية، تُضطر الشركات إلى استغلال حقول أعلى تكلفة، مما يزيد التكاليف ويدفع نحو ارتفاع الأسعار إذا استمر الطلب مستقراً أو متنامياً.

التكنولوجيا لعبت دورًا في تحسين الإنتاجية خلال السنوات الأربع الماضية، من خلال تطوير الحفر الأفقي وزيادة طول الآبار إلى أكثر من 10 آلاف قدم، وحتى 15 ألف قدم في بعض الحقول، إلى جانب تحسين أساليب التكسير واستخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز استخراج النفط من الطبقات الأقل جودة.

لكن التقديرات متباينة حول قدرة هذه الابتكارات على الحفاظ على مستويات الإنتاج الحالية. ففي حين يرى مايك ويرث، الرئيس التنفيذي لشيفرون، أن حقل برميان قادر على دعم إنتاج واسع المدى لسنوات، كان ترافيس ستايس، الرئيس التنفيذي السابق لشركة دايموندباك إنرجي أقل تفاؤلاً، مؤكدًا أن الإنتاج قد بلغ ذروته وسيبدأ في التراجع.

الواقع الحالي يظهر انخفاض الإنتاج الأميركي بمئات آلاف البراميل يوميًا هذا العام. ومع ذلك، فإن الفجوة بين المشروعات المخطط لها وما يلزم لتفادي نقص الطاقة في المستقبل تشير إلى أن القطاع الصخري لا يزال يمتلك إمكانات كبيرة.

ورغم الضبابية الناتجة عن تخمة المعروض، فإن المرحلة الحالية مؤقتة، ومن المتوقع أن تأتي أيام أفضل لشركات الطاقة الأميركية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى