النظام التعليمي السويسري: نموذج مبتكر يجمع بين التعليم المهني والأكاديمي

وفقًا للتقرير السنوي لمنظمة الملكية الفكرية العالمية، تَصَدَّرَت سويسرا قائمة الدول الأكثر ابتكارًا في العالم، ويُعزى هذا النجاح إلى النظام التعليمي الفريد الذي تعتمد عليه، والذي يدمج بين التدريب المهني، والمرونة، والتعدد اللغوي.
تتعدد اللغات الرسمية في سويسرا مثل الألمانية والفرنسية والإيطالية والرومانشية، مما يعزز البيئة التعليمية المتنوعة.
يستمر التعليم الإلزامي في سويسرا لمدة 11 عامًا، يشمل مرحلة رياض الأطفال والتعليم الابتدائي والإعدادي.
بعد هذه الفترة، يُتاح للطلاب خياران: إما التعليم الأكاديمي العام أو التعليم والتدريب المهني، مما يسمح لهم بتحديد مسارهم بناءً على ميولهم وقدراتهم الشخصية.
يمزج النظام التعليمي السويسري بين الدراسة في المدارس المهنية والعمل الجزئي المدفوع أو التدريب المهني في الشركات، وهو نظام يتيح للطلاب اكتساب المهارات اللازمة لأداء وظائفهم المستقبلية.
يستمر هذا التدريب المهني بين سنتين إلى أربع سنوات، ويشكل أساسًا مهمًا لتعلمهم المستمر طوال حياتهم.
تغطي برامج التعليم والتدريب المهني العديد من القطاعات الاقتصادية السويسرية، مع التركيز على تطوير المهارات التي يحتاجها السوق وتوفير المؤهلات المطلوبة في المجالات التي تشهد طلبًا مرتفعًا على العمالة.
وبذلك، تضمن سويسرا توفير مجموعة من المهنيين المؤهلين في كافة المجالات، ما يساهم في تعزيز الاقتصاد المحلي.
يدعم هذا النظام الطلاب ويعدهم لسوق العمل، وهو أحد الأسباب الرئيسية لانخفاض معدلات بطالة الشباب في البلاد مقارنةً بالدول الأخرى. يختار حوالي ثلثي الطلاب السويسريين الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و15 عامًا مسار التدريب المهني، حيث يتاح لهم الاختيار من بين 250 مهنة مختلفة. ويعتبر هذا النظام من أفضل الأنظمة التدريبية في العالم، ويعرف بأنه “المعيار الذهبي” في التدريب المهني.
تم إطلاق هذا النموذج التعليمي في سويسرا عام 1933، وكان يعتمد على تقاليد الشركات المتخصصة في التدريب الحرفي.
وفي عام 1924، تم افتتاح أول مدرسة تجمع بين التعلم النظري والتطبيق العملي في صناعة الساعات بمدينة جنيف.
اليوم، تعد سويسرا رائدة في مجال التدريب المهني وفرص العمل، ويُعتبر هذا النظام جزءًا أساسيًا من رؤية الدولة في تطوير الموارد البشرية. على الرغم من وجود ضغط اجتماعي على الطلاب للالتحاق بالتعليم الأكاديمي، فإن العديد منهم يختارون مسار التدريب المهني، الذي يوفر لهم فرصًا متساوية أو حتى أفضل في بعض الأحيان.
في الختام، يُعتبر النظام التعليمي السويسري نموذجًا مثاليًا بفضل مرونته وقدرته على الجمع بين التعليم الأكاديمي والمهن المتخصصة. ومن ثم، يُعتبر النظام التعليمي السويسري “المعيار الذهبي” الذي يستحق الإعجاب عالميًا.