الاقتصادية

المملكة المتحدة تواجه تحديات مالية معقَّدة رغم وضعها المستقر نسبياً بين الاقتصادات المتقدمة

كشف تقرير حديث صادر عن مجموعة بنك أوف أمريكا أن الوضع المالي الحالي للمملكة المتحدة لا يُعد استثنائياً عند مقارنته بالاقتصادات المتقدمة الأخرى، رغم استمرار المخاوف المتعلقة باستدامة الديون على المدى الطويل.

يشير التقرير إلى أن عجز الحكومة البريطانية وديونها، رغم ارتفاعهما عن مستويات ما قبل جائحة كوفيد-19، لا يتجاوز متوسطات مجموعة السبع أو الاقتصادات المتقدمة.

ففي 2025، يُتوقع أن يبلغ العجز الحكومي البريطاني نحو -4.3% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أقل من متوسط العجز المتوقع للاقتصادات المتقدمة عند -4.6%، وأقل من كل من الولايات المتحدة وفرنسا ومتوسط مجموعة السبع.

وخلال الفترة 2020-2024، شهدت المملكة المتحدة انخفاضاً في العجز بنسبة 7.4% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أكبر انخفاض مقارنة بفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة ومتوسط الاقتصادات المتقدمة، ومن المتوقع استمرار هذا الاتجاه الإيجابي.

على صعيد الدين العام، يبلغ مستوى الدين الإجمالي البريطاني 103% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أقل من متوسط مجموعة السبع ويعد ثاني أدنى مستوى في المجموعة، على الرغم من أن المملكة المتحدة سجلت أكبر زيادة في الدين منذ عام 2007 مقارنة بدول المجموعة الأخرى.

لكن التقرير يحذر من تحديات مستقبلية كبيرة. إذ تواجه المملكة المتحدة فجوة مالية قدرها 1.4% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة 2026-2030 للوصول إلى توازن أولي مستدام للديون، مما يستدعي تنفيذ إجراءات التوحيد المالي المخطط لها.

ويتوقع التقرير أيضاً زيادة ملحوظة في الإنفاق على البرامج المرتبطة بالشيخوخة خلال العقود القادمة، حيث يُقدر مكتب مسؤولية الميزانية أن الإنفاق الصحي سيرتفع إلى 14% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2070، بينما ستصل نفقات المعاشات التقاعدية إلى 8.1%.

ويعرب محللو بنك أوف أمريكا عن قلقهم بشأن قدرة الحكومة على تنفيذ التوحيد المالي المتوقع، مشيرين إلى القيود السياسية التي تواجه وزير الخزانة، بما في ذلك مقاومة رفع الضرائب وخفض الإنفاق من قبل الأحزاب المعارضة، مما قد يقلل هامش الحركة المالي بمقدار 20-30 مليار جنيه إسترليني في ميزانية الخريف المقبلة.

كما أشار التقرير إلى تغييرات هيكلية في سوق السندات الحكومية، حيث تراجعت حصة صناديق المعاشات وشركات التأمين في الدين الحكومي من نحو 70% في 1999 إلى 24% في 2024، في حين انخفضت حصة بنك إنجلترا من حوالي 33% في 2022 إلى 25% في 2024 نتيجة للتشديد الكمي.

وبخصوص الميزانية المقبلة، لا يتوقع التقرير تجاوز القواعد المالية، ويشير إلى أن معالجة تدهور الهامش ستتم بشكل رئيسي عبر زيادة الضرائب، لكنه يقترح أن تحول الحكومة بعض جهود التوحيد المالي نحو خفض الإنفاق الحكومي، رغم أن الضغوط السياسية تجعل ذلك تحدياً كبيراً.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى