الملك ينتصر للشعب في أزمة الأضحية: فهل تستفيق الحكومة من سباتها؟

في لحظات الأزمات، عندما يصبح صمت الحكومة أكثر إيلاماً من الأزمة نفسها، وحين تتحول معاناة المواطنين إلى مجرد أرقام في تقارير رسمية، يظهر جلالة الملك ليؤكد أن القيادة ليست مجرد إدارة سياسية، بل التزام تاريخي وأخلاقي تجاه الشعب.
قرار جلالة الملك بشأن عدم القيام بشعيرة ذبح أضحية العيد لم يكن مجرد خطوة رمزية، بل كان تدخلاً حاسماً في لحظة مفصلية، حيث وصل الغلاء إلى مستويات غير مسبوقة وسط تجاهل حكومي غير مبرر.
في ظل عجز الحكومة عن كبح جماح الأسعار، وتصاعد موجة الاستياء الشعبي بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة، جاء القرار الملكي ليضع حداً لجشع المضاربين، ويعيد ترتيب الأولويات وفقاً لمصلحة المواطن لا مصالح فئة محدودة.
لم يكن القرار مجرد إلغاء لشعيرة دينية، بل كان رسالة واضحة بأن الدولة الحقيقية هي التي تحمي مواطنيها من الأزمات، لا أن تتركهم يواجهونها وحدهم.
لم يكن القرار الملكي توجيهاً دينياً فقط، بل كان رسالة سياسية واجتماعية بامتياز، تؤكد أن القيادة الحقيقية تعني تحمل المسؤولية تجاه الشعب.
و قال جلالته: “وسنقوم إن شاء الله تعالى بذبح الأضحية نيابة عن شعبنا”، في خطوة تحمل بُعداً دينياً واجتماعياً وإنسانياً، تعكس قرب الملك من شعبه، وحرصه على ألا يشعر أي مغربي بالحرج في هذه المناسبة الدينية.
وفي الوقت الذي غابت فيه حكومة أخنوش عن لعب دورها في ضبط الأسواق وحماية القدرة الشرائية، جاءت الرسالة الملكية لتؤكد أن الدولة لا يمكن أن تترك مواطنيها فريسة للأزمات الاقتصادية.
جلالة الملك لم يكتفِ بمعالجة الأزمة الآنية، بل قدم رؤية شاملة للوضع الاقتصادي والمناخي الذي زاد من حدة الأزمة، مشدداً على ضرورة استحضار التحديات الكبرى التي تواجه البلاد.
الرسالة الملكية كشفت حقيقة الوضع الذي حاولت الحكومة التهرب منه. فالتراجع الكبير في أعداد الماشية ليس أمراً مفاجئاً، بل نتيجة مباشرة لغياب سياسات حكومية رشيدة في مواجهة التغيرات المناخية.
ورغم أن المغرب عرف موجات جفاف في الماضي، إلا أن الحكومات السابقة وضعت استراتيجيات لتأمين القطيع الوطني وحماية الأمن الغذائي، عكس ما نراه اليوم من تبريرات وصمت حكومي.
عندما أشار جلالة الملك إلى تراجع أعداد الماشية، كان يسلط الضوء على فشل الحكومة في التخطيط واتخاذ الإجراءات الضرورية. فكيف لبلد أنفق مليارات الدراهم على “المخطط الأخضر” أن يجد نفسه اليوم عاجزاً عن توفير حاجياته الأساسية، ويترك السوق عرضة للاحتكار والمضاربة؟
تقرير المجلس الأعلى للحسابات لعام 2019 كشف أن المخطط الأخضر لم يحقق أهدافه، إذ لم يسهم في تقليص الفوارق بين الفلاحين أو خلق طبقة فلاحية متوسطة، بل زاد من استنزاف الموارد المائية لصالح الزراعات التصديرية على حساب الإنتاج المحلي.
كما أن معظم المشاريع الكبرى ضمن المخطط لم تنفذ بالكامل، حيث لم تتحقق سوى 22% من الأهداف المرسومة، ما جعل المخطط مجرد أداة لاستنزاف المال العام دون نتائج ملموسة.
المسؤولية عن هذا الفشل تتحملها الحكومة الحالية، وعلى رأسها رئيسها عزيز أخنوش، الذي كان هو نفسه مهندس المخطط الأخضر منذ 2008. واليوم، بعدما أصبح رئيساً للحكومة، فإن تبعات هذا الفشل تقع على عاتقه.
إذا كانت الحكومة غير قادرة على تقديم حلول حقيقية، فإن الشجاعة السياسية تقتضي الاعتراف بالخطأ، وتحمل المسؤولية، بل وربما تقديم الاستقالة. فالتخبط في مواجهة الأزمة، والاعتماد على تبريرات واهية، لن يغير الواقع الصعب الذي يعيشه المغاربة.
مرة أخرى، قدم جلالة الملك نموذجاً في القيادة الحكيمة، مؤكداً أن الأزمات لا تعالج بالصمت أو الانتظار، بل بالقرارات الحاسمة والتخطيط السليم. قراره لم يكن مجرد إجراء رمزي، بل كان رسالة واضحة بأن الدولة الحقيقية هي التي تقف إلى جانب مواطنيها، لا أن تتخلى عنهم في أحلك الظروف.
السؤال المطروح اليوم: هل ستظل الحكومة متمسكة بالصمت والتبرير، أم أن الوقت قد حان لاتخاذ قرارات جريئة تعيد الاعتبار للأمن الغذائي والاستقرار الاجتماعي في المغرب؟