المغرب يوشك على دخول عصر الغاز الطبيعي المُسال مع إطلاق مشروع “تندرارا”
يستعد المغرب لتحقيق خطوة تاريخية في قطاع الطاقة، حيث من المتوقع أن يبدأ لأول مرة في تاريخه إنتاج الغاز الطبيعي المُسال اعتبارًا من الربع الأخير من هذا العام.
و يأتي ذلك مع اقتراب شركة “ساوند إنرجي” البريطانية من الانتهاء من بناء محطة لتسييل الغاز المُستخرج من حقل “تندرارا”، الذي يقع في شرق المملكة.
بحلول الصيف المقبل، من المتوقع أن تبدأ المحطة في إجراء تجارب الإنتاج، مع خطط للانطلاق في الإنتاج التجاري بحلول نهاية الخريف، بطاقة إنتاجية تصل إلى حوالي 10 ملايين قدم مكعب يوميًا.
ومع التوسع في مشاريع حقل الغاز، يُتوقع أن ترتفع الطاقة الإنتاجية إلى 40 مليون قدم مكعب يوميًا في المستقبل، كما أفاد غراهام ليون، الرئيس التنفيذي لشركة “ساوند إنرجي” في مقابلة مع صحيفة “الشرق”.
ويُعد المغرب حاليًا منتجًا للغاز الطبيعي بكميات محدودة، حيث لا تتجاوز إنتاجيته السنوية 100 مليون متر مكعب من الغاز من حقول صغيرة في غرب البلاد، والتي أوشكت احتياطياتها على النفاد.
في المقابل، تعتمد المملكة بشكل كبير على واردات الغاز الطبيعي، التي تصل إلى حوالي مليار متر مكعب سنويًا من السوق الدولية، عبر خط أنابيب مع إسبانيا.
و يُعتبر حقل “تندرارا” أكبر حقل غاز بري في المغرب وأحد أكبر الحقول قيد التطوير في المملكة، وفقًا لما ذكره غراهام ليون.
و يعد المشروع خطوة هامة نحو تقليل الاعتماد على واردات الغاز، وهو ما يسهم في توفير إمدادات غاز محلية تدعم إنتاج الكهرباء، وتجفيف الفوسفات، فضلاً عن صناعات السيراميك والحديد.
وفي إطار المشروع، من المنتظر أن يتم بيع الغاز الطبيعي المُسال من محطة “تندرارا” لشركة “أفريقيا غاز”، إحدى أكبر شركات توزيع المحروقات في المغرب، والمملوكة لمجموعة “أكوا” المغربية التي تعمل في مجالات الطاقة والعقار والسياحة.
يمتد امتياز “تندرارا” على مساحة 133.5 كيلومتر مربع ويشمل رخصة استغلال لمدة 25 عامًا بدأت في 2018، مع تقديرات لاحتياطيات الغاز في المنطقة تصل إلى 10.67 مليار متر مكعب.
فمنذ دخولها السوق المغربية، استثمرت شركة “ساوند إنرجي” أكثر من 160 مليون دولار في أعمال التنقيب.
وفي خطوة استراتيجية، قامت الشركة البريطانية العام الماضي ببيع حصة 55% من الامتياز لشركة “مناجم” المغربية مقابل 45 مليون دولار، مع الاحتفاظ بنسبة 20% من الامتياز.
جانب آخر من المشروع هو بناء خط أنابيب جديد يمتد على 120 كيلومترًا، بتكلفة استثمارية قدرها 400 مليون دولار، لربط حقل “تندرارا” مع “خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي”.
ويُتوقع أن يسهم هذا الخط في تأمين إمدادات الغاز من خلال إسبانيا، بعد قطع العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والجزائر في 2021.
تسعى شركة “ساوند إنرجي” إلى توسيع نطاق إنتاج الغاز الطبيعي في المغرب من خلال حفر آبار استكشافية جديدة وتوظيف التقنيات الزلزالية لاكتشاف احتياطيات الغاز في مناطق جديدة.
كما تشمل الطموحات المستقبلية للشركة استكشاف الهيدروجين الأبيض، الذي يُتوقع أن يشهد طلبًا متزايدًا في السنوات المقبلة، خاصة في ضوء التوجهات العالمية نحو تقنيات منخفضة الكربون.
هذه الاستثمارات في قطاع الطاقة تعكس التزام المغرب بتنمية مصادر الطاقة المتجددة، وتقليل الاعتماد على الواردات، بما يتماشى مع استراتيجياته التنموية الطموحة.