الأخباراقتصاد المغرب

المغرب يواجه تحديات وآفاقًا جديدة في التكيف مع آلية ضبط حدود الكربون للاتحاد الأوروبي

مع اقتراب دخول آلية ضبط حدود الكربون التابعة للاتحاد الأوروبي (CBAM) حيز التنفيذ في عام 2026، يجد المغرب نفسه أمام تحول صناعي غير مسبوق، حيث تواجه القطاعات التصديرية الرئيسية تحديات كبيرة تتعلق بالقدرة التنافسية والاستدامة.

وبينما تشكل هذه الضريبة الكربونية عبئًا على الصادرات، فإنها توفر أيضًا فرصة استراتيجية للمملكة لتسريع تحولها نحو التصنيع الأخضر وتعزيز موقعها في الأسواق الأوروبية.

تشكل الصناعات المغربية، التي تعتمد بشكل كبير على مصادر الطاقة التقليدية، هدفًا مباشرًا للضريبة الجديدة.

ويشير الخبير في الطاقات المتجددة وإزالة الكربون، علي عمراني، إلى أن الصادرات الصناعية المغربية قد تتعرض لضرائب تتجاوز مليار دولار سنويًا في حال عدم التكيف مع المعايير البيئية الأوروبية، مما سيؤثر على تنافسية الشركات ويحد من ديناميكية الصادرات نحو الاتحاد الأوروبي، الشريك التجاري الأكبر للمغرب.

يمثل الاعتماد الحالي على الفحم بنسبة 37% من مزيج الطاقة الوطني عقبة رئيسية، حيث تتعرض قطاعات حيوية مثل السيارات، الفوسفاط، الأسمنت، الألمنيوم والكهرباء لمخاطر فرض ضرائب كربونية مرتفعة.

وتشير التقديرات إلى أن قطاع الفوسفاط والأسمدة وحده قد يواجه فاتورة كربونية تصل إلى 425 مليون دولار سنويًا دون إجراءات تصحيحية، مما يجعل التحول إلى الأمونيا الخضراء والهيدروجين الأخضر خيارًا استراتيجيًا لا مفر منه.

لمواجهة هذه التحديات، يتبنى المغرب استراتيجية طموحة تستهدف تحقيق 52% من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، و70% بحلول 2040، من خلال استثمارات ضخمة في الطاقة الشمسية، الرياح، وتطوير حلول تخزين الطاقة.

كما يتم تعزيز الروابط الكهربائية مع أوروبا لتمكين الشركات المغربية من الاستفادة من سوق الطاقة النظيفة الأوروبية.

في هذا الإطار، يعتزم المكتب الشريف للفوسفاط استثمار 13 مليار دولار في مشاريع الهيدروجين الأخضر، إلى جانب مشاريع كبرى في قطاعات الأسمنت والصلب لتبني حلول صديقة للبيئة مثل استخدام الوقود البديل والكهرباء النظيفة.

وفي الوقت نفسه، يتوقع إطلاق سوق وطنية للكربون بحلول يناير 2026، لضمان مواءمة التشريعات المغربية مع القوانين الأوروبية والحد من الأثر المالي للضريبة الكربونية.

من أجل الامتثال للمعايير الجديدة، أصبح من الضروري تطوير نظام دقيق للرصد والإبلاغ والتحقق من الانبعاثات الصناعية بحلول نهاية 2025، حيث يشكل قياس الانبعاثات والإبلاغ عنها حسب المنتج أحد المتطلبات الأساسية لآلية CBAM.

يمثل التحول الصناعي في المغرب استجابة حاسمة للتحديات التي تفرضها آلية ضبط حدود الكربون الأوروبية.

وبينما يواجه النسيج الصناعي تحديات كبرى، فإن الفرصة سانحة لتحديث البنية الصناعية، خفض الانبعاثات، وتعزيز القدرة التنافسية في الأسواق العالمية.

ومع استمرار تنفيذ هذه الإصلاحات، سيكون المغرب قادرًا على تحويل هذا القيد البيئي إلى نقطة قوة اقتصادية واستراتيجية تعزز موقعه كمركز صناعي أخضر في المنطقة.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى