المغرب يعزز استثماراته في تحلية المياه ليرتفع حجم السوق إلى 850 مليون دولار بحلول 2033

مع اشتداد موجات الجفاف وتراجع الموارد المائية خلال السنوات الأخيرة، يتجه المغرب بخطى ثابتة نحو تعزيز قدراته في مجال تحلية مياه البحر كخيار استراتيجي لضمان الأمن المائي وتلبية الطلب المتزايد، خاصة في المدن الكبرى.
هذا التوجه يعكسه النمو المتسارع لسوق التحلية بالمملكة، الذي يتوقع أن يتضاعف حجمه خلال العقد المقبل بفضل الابتكار التكنولوجي وتكامل الطاقات المتجددة.
وفق أحدث بيانات منصة «الما ديالنا» التابعة لوزارة التجهيز والماء، من المرتقب أن ترتفع قيمة سوق تحلية المياه من 400 مليون دولار سنة 2024 إلى 850 مليون دولار بحلول 2033، بمعدل نمو سنوي مركب يناهز 8.74%، بحسب تقرير مكتب الدراسات الدولي Renub Research.
هذا النمو يعزى إلى عدة عوامل، أبرزها ندرة المياه، تسارع المشاريع الحكومية، التطور التكنولوجي، إضافة إلى الارتفاع المتزايد في الطلب على موارد مائية مستدامة، خاصة في محور الدار البيضاء–الرباط وأكادير.
التقرير يشير إلى الدور المحوري للشراكة بين القطاعين العام والخاص في تنفيذ مشاريع كبرى، من بينها محطات التحلية في الدار البيضاء وأكادير وآسفي.
هذه المشاريع تأتي استجابة للتراجع المستمر في المخزون المائي الجوفي، وتُعتبر رافعة مهمة لتعزيز الابتكار وتحسين مردودية المحطات، رغم استمرار تحديات الكلفة المرتفعة والضرورات التقنية المعقدة لضمان توزيع عادل للمياه.
يعتمد المغرب بشكل متزايد على تقنية التناضح العكسي باعتبارها الأكثر كفاءة عالمياً، بعد تحسينات كبيرة طالت استهلاك الطاقة وجودة الأغشية المستعملة.
كما أن دمج الطاقة الشمسية والريحية في تشغيل المحطات ساهم في تخفيض الكلفة التشغيلية وإطالة عمر التجهيزات، إضافة إلى اعتماد أنظمة تشغيل آلية ومعالجة مسبقة تقلل من تأثير الملوحة والشوائب.
من أبرز المشاريع قيد الإنجاز أو التوسعة:
-
محطة تحلية الدار البيضاء–سطات، التي ستوفر 300 مليون متر مكعب سنوياً وتخدم ما يقارب 7.5 ملايين نسمة.
-
محطة الناظور بقدرة إنتاجية تبلغ 250 مليون متر مكعب سنوياً، في إطار دعم الأمن المائي بجهة الشرق.
-
محطة آسفي التي تنتج 86,400 متر مكعب يومياً، ضمن المخطط الوطني للتزويد بالماء.
هذه المشاريع تتكامل لتحقيق هدف وطني يتمثل في بلوغ إنتاج سنوي قدره 1.7 مليار متر مكعب من المياه المحلاة بحلول 2030.
تندرج هذه الجهود ضمن البرنامج الوطني للتزويد بالماء الصالح للشرب 2020-2027، والذي يركز على الابتكار، والطاقات النظيفة، والاستثمار المستدام.
ومع توسع هذه المشاريع الطموحة، يرسخ المغرب موقعه كأحد أبرز رواد تحلية المياه على مستوى القارة الأفريقية، واضعاً أسساً صلبة لأمن مائي مستدام يواكب تحولاته الاقتصادية والديموغرافية.




