اقتصاد المغربالأخبار

المغرب يراجع اتفاقياته التجارية لحماية الصناعة وتعزيز التوازن الاقتصادي

يستعد المغرب لإطلاق مراجعة شاملة للاتفاقيات التجارية واتفاقيات التبادل الحر مع عدد من الشركاء الدوليين، في خطوة تهدف إلى تصحيح الاختلالات في ميزان التجارة وحماية القطاعات المحلية التي تحملت تكاليف كبيرة جراء الانفتاح التجاري غير المتوازن.

رغم نمو التجارة بين المغرب والولايات المتحدة منذ دخول اتفاقية التجارة الحرة حيز التنفيذ عام 2006، إلا أن الميزان التجاري ما زال يميل بشكل كبير لصالح الجانب الأمريكي.

وأظهرت بيانات 2024 أن المغرب استورد سلعاً بقيمة 5.3 مليار دولار مقابل صادرات لم تتجاوز 1.9 مليار دولار، محققاً عجزاً قدره 3.4 مليار دولار.

وأشار الخبير الاقتصادي عبدالسلام شرقاوي إلى أن الاتفاقيات وُضعت على أساس رابح-رابح، لكن الواقع الحالي يظهر استمرار العجز، مؤكداً أهمية التركيز على قاعدة المنشأ لضمان امتيازات تجارية حقيقية، ومعالجة الحواجز غير الجمركية مثل القيود التي تفرضها هيئة الغذاء والدواء الأمريكية على المنتجات المغربية، خصوصاً الزراعية.

تشير الأرقام إلى أن المبادلات التجارية مع تركيا منذ اتفاقية 2004 شهدت نمواً ملحوظاً، لكن الميزان التجاري ظل لصالح أنقرة، لا سيما في قطاع النسيج. ورغم فرض المغرب رسوماً جمركية تصل إلى 90% على بعض المنتجات التركية، لا يزال العجز السنوي يبلغ نحو 3 مليارات دولار.

ويرى شرقاوي أن الحل يكمن في إقامة مشاريع صناعية مشتركة داخل المغرب لتوفير بدائل محلية للمنتجات التركية وربط الامتيازات التجارية بالاستثمار المحلي.

تظهر البيانات اختلالات واضحة في الاتفاقية التجارية مع مصر، حيث تجاوزت واردات المغرب من مصر 800 مليون درهم بينما لم تتجاوز صادراته 11 مليون درهم عام 2024.

وأوضح الخبير عبد الفتاح الفاتحي أن مصر خالفت بعض بنود الاتفاقية بالسماح بمرور منتجات غير محلية على أنها مصرية ورفضت المنتجات المغربية، مما دفع المغرب إلى اتخاذ إجراءات مقابلة.

وتهدف المراجعة إلى إعادة التوازن، خصوصاً في قطاع السيارات وتشجيع إقامة مشاريع صناعية مشتركة.

الاتحاد الأوروبي يظل أكبر شريك تجاري للمغرب منذ اتفاقية 1996، إذ عززت المملكة صادراتها الزراعية والصناعية، لكن الميزان التجاري يميل لصالح أوروبا حيث تشكل وارداتها أكثر من نصف إجمالي واردات المغرب.

ويرى شرقاوي أن العلاقة قريبة جغرافياً وثقافياً لكنها غير متوازنة اقتصادياً، بينما يعتبر الفاتحي أن مراجعة الاتفاقية ليست أولوية بسبب فوائدها في جذب الاستثمارات الأوروبية وتوطين الصناعات.

أكدت الرباط أن الهدف ليس الانسحاب من الاتفاقيات، بل إعادة صياغتها لضمان توازن أكبر، مستفيدة من نمو قطاعات السيارات والأسمدة والطيران، وموقعها الاستراتيجي كبوابة بين إفريقيا وأوروبا.

وأشار الخبراء إلى أن مراجعة الاتفاقيات بمرونة وذكاء ستعزز مكانة المغرب في سلاسل القيمة العالمية، وتجعل المملكة نقطة جذب للاستثمارات وركيزة للتجارة بين الشمال والجنوب والجنوبي-الجنوبي، مستفيدة من مشاريع كبرى مثل استضافة كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030.

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى