المغرب يخطو خطوات مهمة نحو تأمين استقلاليته الطاقية عبر تنويع مصادر توريد الغاز

أفاد تقرير حديث بأن جهود تنويع مصادر توريد الغاز قد ساهمت في تقليل الاعتماد الكامل على الغاز الجزائري الذي كان يشكل المصدر الرئيسي للطاقة في المغرب حتى سنة 2022.
التقرير، الذي أصدرته مبادرة “إمال” للمناخ والتنمية في 13 مارس 2025، أبرز أهمية تطوير سوق الغاز الطبيعي في المملكة ودور هذا القطاع في دعم النمو الصناعي والاستثماري، بالإضافة إلى تعزيز استخدام الغاز كمصدر استراتيجي للطاقة.
وأوضح التقرير أن المغرب بدأ في يونيو 2022 استيراد الغاز الطبيعي عبر إسبانيا باستخدام خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي، بعد توقف الجزائر عن تصدير الغاز إلى المملكة.
هذه الخطوة تمثل تحولاً كبيراً لضمان استمرارية الإمدادات الطاقية، وقد ساعدت بشكل فعال في تأمين احتياجات محطات توليد الكهرباء، مما عزز استقلالية المملكة في مجال الطاقة.
وأشار التقرير إلى توقيع عدة عقود مع موردين دوليين، مما سهل استمرارية الإمدادات وحافظ على استقرار السوق الطاقي في المغرب. كما أشار إلى أن كميات الغاز الطبيعي المستوردة من إسبانيا شهدت زيادة ملحوظة بين عامي 2022 و2023.
رغم هذه التقدمات، أشار التقرير إلى أن تطوير سوق الغاز الطبيعي في المغرب يواجه بعض التحديات مثل ارتفاع الأسعار العالمية، نقص الموارد المحلية الكافية، وصعوبة الحصول على تمويلات لمشاريع الطاقة الكبرى.
كما أضاف التقرير أن النموذج الأساسي لتوريد الغاز في المغرب لا يزال غير محدد بشكل نهائي، داعياً إلى إجراء مراجعة شاملة للاستراتيجية الوطنية بناءً على التطورات في السوق العالمي والبحث عن بدائل مستدامة.
من بين الحلول المقترحة، أشار التقرير إلى استخدام أنظمة تخزين الطاقة بالبطاريات (BESS)، التي أثبتت فعاليتها في دعم شبكات الطاقة المتجددة في دول مثل أستراليا والمملكة المتحدة، مؤكداً أن هذه الأنظمة تمثل خياراً استراتيجياً لتقليل الاعتماد على الغاز الطبيعي.
أكد التقرير على ضرورة مراجعة التوصيات السابقة مع الأخذ في الاعتبار المتغيرات الجديدة في السوق العالمي. ودعا إلى تحديد توقعات واضحة لحجم الطلب على الغاز في المستقبل، والتركيز على تعزيز الموارد المحلية لتقليل الاعتماد على الواردات، بالإضافة إلى تكثيف الاستثمارات في مشاريع الطاقة المتجددة.
كما شدد التقرير على أهمية تعزيز الشراكات مع دول الجوار لضمان استقرار الإمدادات وتطوير بنية تحتية طاقية مشتركة، مع ضرورة الحفاظ على الشفافية في جميع مراحل سلسلة التوريد من الاستيراد حتى التوزيع النهائي.
وأشار التقرير إلى أن وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة أعدت “خارطة طريق طموحة” تمتد حتى عام 2050، تهدف إلى تعزيز استخدام الغاز في القطاع الصناعي أولاً، ومن ثم التوسع نحو الاستخدامات المنزلية وإنتاج الكهرباء.
هذه الخارطة تمثل الأساس لبناء سوق مفتوح وشفاف للغاز الطبيعي، مع الاستفادة القصوى من البنية التحتية الحالية وشبكة الربط الطاقي مع أوروبا.
وفي إطار البحث عن مصادر محلية، أكد التقرير أهمية اكتشاف واستغلال الموارد الغازية المحلية، خصوصاً في منطقة تندرارة التي من المتوقع أن يبدأ إنتاجها في 2025 بطاقة تصل إلى 100 مليون متر مكعب سنوياً. كما أشار إلى أن تطوير الحقول الغازية قبالة سواحل العرائش يشكل فرصة واعدة لتعزيز الأمن الطاقي الوطني.
يخلص التقرير إلى أن النجاح في تطوير سوق الغاز الطبيعي في المغرب يتطلب تخطيطاً استراتيجياً شاملاً، مع التركيز على البدائل المستدامة والابتكار في تقنيات الطاقة المتجددة. هذه الجهود ستساهم بشكل كبير في تعزيز الأمن الطاقي وتقليل الاعتماد على الأسواق الخارجية، مما يدعم تحقيق التنمية المستدامة في المملكة.