المديرية العامة للضرائب تكشف تحايل مقاولات على القانون عبر ‘التوقف المؤقت الوهمي’

في خطوة تكشف عن تحدٍ جديد أمام جهود محاربة التهرب الضريبي، رصدت مصالح المديرية العامة للضرائب لجوء عدد من المقاولات إلى استعمال مُلتبس لمسطرة “التوقف المؤقت عن مزاولة النشاط”، التي ينظمها الفصل 150 مكرر من المدونة العامة للضرائب.
هذه المسطرة، التي أُحدثت لتُتيح للمقاولات إيقاف أنشطتها مؤقتًا لأسباب ظرفية أو اقتصادية مشروعة، أصبحت تُستغل من طرف جهات تسعى للتهرب من المراقبة الجبائية والمراجعات المفروضة قانونًا.
وبحسب المعطيات، رصدت مصالح التحليل والبرمجة التابعة للمديرية العامة للضرائب، من خلال تتبع دقيق، محاولات مقاولات تقديم تصريحات مزيفة تفيد بتوقفها عن النشاط، بينما كانت تزاول أنشطة فعلية في الخفاء.
هذه الشركات، العاملة خصوصًا في مجالات النسيج، البناء، صيانة التجهيزات الإلكترونية، وتكنولوجيا المعلومات، قدمت مبررات وملفات تحمل معطيات مضللة ضمن النموذج الرسمي ADC400-18I، بهدف تبرير التوقف.
ولم تتوقف محاولات التضليل عند هذا الحد، إذ استعان بعض المسيرين بمحاسبين لصياغة روايات مقنعة تتحدث عن “صعوبات مالية” أو “أزمات سيولة”، بل تم الادعاء أحيانًا بأن التوقف المؤقت يهدف إلى حماية مناصب الشغل، في محاولة لاستدرار تعاطف الإدارة الضريبية.
إلا أن عمليات التدقيق كشفت جملة من التناقضات الصارخة، من بينها وجود عدد من الأجراء في القوائم الضريبية لا يتماشى مع حجم النشاط المصرح به، إضافة إلى مؤشرات مالية مشبوهة زادت من شكوك المفتشين.
وتوصلت التحقيقات إلى أن بعض هذه المقاولات مدرجة أصلًا ضمن قاعدة بيانات تضم نحو 300 ألف مقاولة غير نشطة فعليًا، تُستخدم غالبًا كواجهة لبيع فواتير وهمية، بلغت قيمتها التقديرية أكثر من 60 مليار درهم.
وتهدف هذه المقاولات من خلال الادعاء بالتوقف المؤقت إلى التهرب من أداء الحد الأدنى من الضريبة والاختفاء مؤقتًا عن الرادار الضريبي، خاصة في ظل تشديد الرقابة على تجارة الفواتير.
لكن، خلافًا لما تظنه بعض الشركات، فإن تعليق النشاط لا يُعفي من الالتزامات الجبائية. إذ تظل المقاولات الخاضعة للضريبة على القيمة المضافة مطالبة بتقديم التصريح السنوي برقم المعاملات، بالإضافة إلى الإقرارات الخاصة بالضريبة على الشركات أو الضريبة على الدخل، حتى في حالة التوقف المؤقت.
وفي حال ثبوت نية التحايل أو تقديم معطيات مغلوطة بتواطؤ مع محاسبين أو موردين، فإن المديرية العامة للضرائب تُفعّل المقتضيات القانونية الصارمة، خاصة المواد 192 و231 من المدونة العامة للضرائب، ما قد يفضي إلى متابعات جنائية وإحالة الملفات على القضاء.
هذا الوضع يسلط الضوء على مستوى التعقيد المتزايد في أساليب التهرب الضريبي، ويؤكد الحاجة الملحة إلى تحديث آليات التحليل الرقمي الذكي لتعزيز فعالية المراقبة، وضمان عدم انزلاق الإجراءات القانونية إلى بوابات لشرعنة الإفلات الضريبي.