المجلس الأعلى للحسابات يكشف تبديد 73 مليون درهم من أموال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية

كشفت مصادر خاصة لجريدة هسبريس عن توسيع نطاق تحقيقات يجريها المجلس الأعلى للحسابات بالتنسيق مع فروعه الجهوية، لتدقيق كيفية صرف ميزانيات “المبادرة الوطنية للتنمية البشرية”.
التحقيقات التي تركز حاليًا على جهات رئيسية مثل الدار البيضاء-سطات والرباط-سلا-القنيطرة وفاس-مكناس، كشفت عن وجود مخالفات جسيمة، حيث تم رصد مشاريع لم تُنجز رغم أن الجمعيات المسؤولة عنها تلقت تمويلات ضخمة بلغت أكثر من 73 مليون درهم.
و يُركز قضاة المجلس على فواتير محاسبة مشبوهة، تشير بعضها إلى مقاولات ترتبط بمسؤولين داخل الجمعيات بعلاقات قرابة. وأظهرت التحريات أن بعض الجمعيات تحولت إلى بؤر للريع، حيث تُوظّف أقارب بأجور مرتفعة على حساب أهداف التنمية، مما يُفقد هذه الجمعيات دورها التنموي الحقيقي.
كما أن التحقيقات كشفت عن وجود “مشاريع صورية” لا وجود لها على أرض الواقع، بعد تدقيق ملفات عشرات الجمعيات المستفيدة. هذه الممارسات تُظهر تناقضات واضحة بين ما هو مُسجل في ملفات طلبات التمويل وما هو موجود فعليًا على الأرض.
كما يُعدّ دعم الجمعيات في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية سببًا في تورط منتخبين في خرق القوانين. فبينما يجب أن يتم صرف الدعم بناءً على معايير شفافة، فإن التحقيقات أظهرت أن بعض رؤساء الجماعات خصصوا مبالغ ضخمة لجمعيات تابعة لهم، في إطار ما يُعرف بـ”الزبونية والولاءات الانتخابية”، حتى في جماعات فقيرة.
وفي هذا الصدد، أظهرت التحقيقات أن جمعيات تنشط منذ سنوات وتُقدّم خدمات ميدانية مهمة، لم تتلقَ سوى مبالغ زهيدة، في حين حصلت جمعيات حديثة التأسيس على تمويلات كبيرة، ما يؤكد وجود تلاعب في توزيع الدعم المالي.
تُؤكد هذه التحقيقات على أهمية دور المجلس الأعلى للحسابات في حماية المال العام ومحاربة الفساد. ففي ظل شكاوى من جمعيات تم إقصاؤها، تواصل لجان التفتيش العمل على التحقق من صحة قرارات الرفض والتأكد من هويات المستفيدين، في محاولة لوضع حد للتلاعب الذي يُعيق تحقيق أهداف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.