الطلب الداخلي يقود نمو الاقتصاد المغربي وسط تباطؤ في التضخم وأسعار الغذاء والطاقة

شهد الاقتصاد المغربي خلال الفصل الثاني من سنة 2025 زخماً قوياً بفضل استمرار دينامية الطلب الداخلي، الذي يُتوقّع أن يكون قد ساهم بما يعادل 7,7 نقطة مئوية في النمو الاقتصادي الإجمالي، وفقاً لمعطيات جديدة صادرة عن المندوبية السامية للتخطيط.
وأبرزت المندوبية، في مذكرتها الظرفية الخاصة بالتطورات الاقتصادية خلال الفصل الأول من 2025 وتوقعاتها للفصلين الثاني والثالث، أن هذا النمو المتواصل في الطلب المحلي تزامن مع استقرار نسبي في الضغوط التضخمية، بينما استمر الطلب الخارجي في تسجيل مساهمة سلبية بلغت ناقص 3,1 نقطة، ما يعكس استمرار التحديات المرتبطة بالصادرات المغربية.
أشارت المندوبية إلى أن الإنفاق الاستهلاكي للأسر كان العامل الأساسي وراء تعزيز النشاط الاقتصادي، حيث عاد إلى نسقه التصاعدي المعهود قبل جائحة كوفيد-19، مدعوماً بتحسن سوق الشغل، والإجراءات الاجتماعية، والتدابير الضريبية الداعمة للقدرة الشرائية.
في ما يتعلق بالطلب العمومي، من المتوقع أن يكون استهلاك الإدارات العمومية قد تباطأ نسبياً خلال نفس الفترة، مع تسجيل ارتفاع سنوي بنسبة 5%. بالموازاة مع ذلك، حافظت استثمارات الدولة في مشاريع البنية التحتية على وتيرتها، مما انعكس على ارتفاع واردات معدات الهندسة المدنية.
وعلى صعيد القطاع الخاص، تشير التقديرات إلى تسارع في استثمارات الشركات خلال الفصل الثاني، مع تحفّظ واضح في السلوك التخزيني، نتيجة تزايد الضغوط على حركة التصدير في ظل السياق الدولي المتقلب.
و من أبرز المؤشرات الإيجابية التي سجلتها المندوبية، تراجع معدل التضخم الأساسي إلى أدنى مستوياته منذ عام 2021، ليبلغ 1,1% فقط، وهو ما يعكس انخفاضاً ملحوظاً في تكاليف الإنتاج، باستثناء السلع الخاضعة لتقلبات موسمية أو تنظيمات سعرية.
أما معدل التضخم العام، فيُتوقع أن يكون قد تباطأ إلى 0,8% فقط، مقابل 2% خلال الفصل الأول، وهو ما يعزى أساساً إلى تباطؤ ارتفاع أسعار المواد الغذائية (زائد 1,4%) وأسعار السلع غير الغذائية (زائد 0,4%).
وشهدت أسعار بعض المواد الغذائية تحسناً في العرض، مثل البيض، الأسماك الطازجة، القطاني الجافة، والحبوب المصنعة، مما ساعد على تقليص تأثير التضخم الغذائي الذي كان قد ساهم بـ1,5 نقطة مئوية في رفع الأسعار خلال الفصل السابق.
في السياق ذاته، شهدت أسعار الطاقة انخفاضاً واضحاً (ناقص 2,2%)، مدفوعة بتراجع أسعار النفط والغاز على الصعيد العالمي، ما ساهم بدوره في خفض التكاليف التشغيلية والضغط على الأسعار النهائية.
في المقابل، استقرت أسعار الخدمات نسبياً عند زيادة طفيفة قدرها 0,9%، مقابل 1,2% في الفصل الأول، ويرتبط هذا التباطؤ جزئياً بانخفاض تعريفات النقل الجوي، في حين حافظت أسعار المنتجات الصناعية على استقرارها شبه الكامل.
تعكس هذه المؤشرات تحسناً تدريجياً في أداء الاقتصاد الوطني، مدفوعاً بقوة الطلب الداخلي وتراجع الضغوط التضخمية، في مقابل استمرار التحديات الخارجية التي تؤثر على قطاع التصدير.
ويبدو أن التركيز المستمر على دعم القدرة الشرائية والاستثمار في البنية التحتية يُعزّز من صلابة النمو الاقتصادي المغربي خلال 2025.