اقتصاد المغربالأخبار

الطاقة في المغرب.. مزيج كهربائي يتغير بسرعة واستثمارات ضخمة ترسم مستقبل 2030

يشهد قطاع الكهرباء في المغرب تحولاً بنيوياً لافتاً، بعدما انتقل من الاعتماد على مصادر تقليدية محدودة إلى بناء مزيج طاقي أكثر توازناً، يقوم على توسيع حصة الطاقات المتجددة وتطوير البنيات الإنتاجية لمواكبة الطلب المتزايد.

هذا التحول يأتي في سياق توسع عمراني مستمر ونمو ديمغرافي يرفع من حجم الاستهلاك ويضع القطاع أمام تحديات جديدة.

توضح بيانات منصة “طاقة” المتخصصة أن إجمالي إنتاج الكهرباء في المملكة بلغ سنة 2024 نحو 43.9 جيغاواط/ساعة، فيما ارتفع الطلب إلى مستوى غير مسبوق بلغ 46.43 جيغاواط/ساعة، بزيادة تناهز 5% مقارنة بعام 2023.

ورغم هذا الفارق بين الإنتاج والطلب، فإن المغرب يواصل تعزيز قدراته الإنتاجية، مستفيداً من مشاريع جديدة وإمكانات إضافية قيد التطوير.

وتشير المنصة إلى أن حصة الطاقات النظيفة من التوليد ارتفعت بشكل ملحوظ لتصل إلى 26.48% عام 2024، مقارنة بـ21.71% في السنة السابقة. وهو تطور ينسجم مع المسار الذي رسمته المملكة للوصول إلى 52% من إجمالي القدرة المنشأة بحلول 2030.

وتقترب القدرة الإجمالية المركبة حالياً من عتبة 12 ألف ميغاواط، منها 4.37 جيغاواط من مصادر متجددة، إلى جانب خطط للوصول إلى 13 جيغاواط خلال أقل من ست سنوات، بينها 4 جيغاواط من الطاقة الشمسية وحدها.

وتقدر توقعات المنصة أن يعرف القطاع طفرة مهمة بحلول 2027، مع إضافة 9 جيغاواط جديدة إلى القدرة الحالية، ضمن استثمارات تصل إلى 9 مليارات دولار، 75% منها موجهة للطاقات المتجددة.

هذا التوسع يأتي لمواكبة طلب ارتفع بمعدل 4.5% سنوياً منذ 2009، ليبلغ في 2024 مستوى قياسياً قدره 46.43 جيغاواط/ساعة، بينما ارتفع استهلاك الفرد إلى 1.22 ميغاواط/ساعة.

وفي سياق الظروف المناخية المتقلبة، سجل المغرب يوم 30 يونيو 2025 أعلى حمل كهربائي بلغ 7.9 جيغاواط عند الساعة 9:30 مساءً، بزيادة 5% مقارنة بسنة 2024، نتيجة الاستعمال المكثف لأجهزة التكييف خلال موجة الحر، حسب وزيرة الانتقال الطاقي لينلى بنعلي.

يرتكز الإمداد الكهربائي في المغرب على مجموعة من المحطات الكبرى، أبرزها محطة الجرف الأصفر بإقليم الجديدة، أكبر منشأة لإنتاج الكهرباء في المملكة بقدرة تصل إلى 2056 ميغاواط، تعمل عبر ست وحدات منذ 1994.

كما يضم المغرب أحد أكبر مجمعات الطاقة الشمسية في العالم، وهو مركب نور ورزازات الذي تبلغ طاقته الإنتاجية 580 ميغاواط ويضم أربع محطات تعتمد تقنيات متقدمة لتوليد الطاقة النظيفة.

وفي شمال المملكة، تُعد محطة تهدارت جنوب طنجة من أهم محطات الدورة المركبة بقدرة 400 ميغاواط، مع مشروع توسعة سيضاعف الطاقة إلى 900 ميغاواط.

كما تضم البلاد محطة عين بني مطهر الهجينة بقدرة 472 ميغاواط، تجمع بين الغاز والطاقة الشمسية، إضافة إلى محطة طرفاية للرياح التي تنتج 301 ميغاواط وتساهم في خفض الانبعاثات بحوالي 790 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً.

يؤكد المسار الحالي أن المغرب يراهن على تنويع مصادره وتعزيز حضوره في سوق الطاقة النظيفة، بما يضمن الأمن الطاقي ويرسخ مكانته كمزود إقليمي محتمل، خاصة نحو أوروبا التي تبحث عن مصادر آمنة وموثوقة للطاقة.

ومع المشاريع الكبرى التي يجري تنفيذها، تبدو المملكة في طريقها نحو تحقيق تحول طاقي شامل، يقوم على الاستدامة والكفاءة والاستعداد لطلب كهربائي متنامٍ في السنوات المقبلة.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى