الاقتصادية

الطاقة المتجددة تُعيد تشكيل الاقتصادات الناشئة.. فرص مالية ونمو مستدام

تشهد الاقتصادات الناشئة طفرة غير مسبوقة في قطاع الطاقة المتجددة، حيث باتت مشاريع الرياح والطاقة الشمسية الخيار الأكثر اقتصادية وأماناً لمعظم الدول على المستويين الوطني والإقليمي.

وليس الأمر مقتصراً على التوفير المالي فحسب، بل يحمل التحول السريع في هذا القطاع إمكانية جني أرباح كبيرة خلال العقود المقبلة.

تشير دراسة حديثة أجرتها جامعة أكسفورد إلى أن الدول منخفضة ومتوسطة الدخل ستكون الأكثر استفادة من تبني الطاقة المتجددة، مع توقع زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنحو 10% خلال العقدين المقبلين في حال تم تطبيق تحول سريع ومستدام.

وأكدت الدراسة أن الاستثمارات في الطاقة المتجددة ساهمت بالفعل بنحو 1.2 تريليون دولار في نمو الناتج المحلي الإجمالي لأكبر 100 دولة نامية بين 2017 و2022، أي ما يعادل 2 إلى 5% من الناتج المحلي لمعظم هذه الدول.

ويشير التقرير إلى أن الطاقة المتجددة، عند تنفيذها بشكل صحيح، لا توفر الكهرباء بأسعار معقولة فحسب، بل تسهم أيضاً في جذب الاستثمارات، وخلق فرص العمل، وزيادة الإنتاجية على مستوى الاقتصاد بأكمله.

ويعود هذا النجاح إلى عدة عوامل مترابطة. أولاً، أصبحت مصادر الطاقة المتجددة منخفضة التكلفة بشكل ملحوظ، خاصة الطاقة الشمسية التي انخفضت أسعارها بنسبة 90% منذ عام 2010.

وقد صرح سام سترانكس، أستاذ مواد الطاقة في جامعة كامبريدج، بأن تكلفة الألواح الشمسية المصنوعة من السيليكون أصبحت تقريباً مساوية لتكلفة الخشب الرقائقي.

وهذا التحول يجعل الطاقة المتجددة أكثر ربحية من الوقود الأحفوري، كما أن إنفاق الطاقة الخضراء يبقى داخل الاقتصاد المحلي، ما يعزز سلاسل التوريد المحلية ويدعم الدخل المحلي.

ثانياً، توفر الطاقة المتجددة حلولاً مناسبة للمناطق الريفية والنائية، حيث تكون شبكات الكهرباء التقليدية مكلفة وغير مستقرة. فأنظمة الطاقة الشمسية الصغيرة والألواح المثبتة على الأسطح يمكنها الوصول إلى هذه المناطق بسهولة، ما يجعلها خياراً عملياً وموثوقاً.

باكستان مثال واضح على هذا التحول، حيث يعيش السكان ما يشبه “ثورة الطاقة الشمسية”، مع اعتماد واسع على أنظمة الطاقة الشمسية المزودة ببطاريات، كحل موثوق واقتصادي بديل لشبكات الكهرباء التقليدية المكلفة والمتقطعة.

ويقول يان روزنو، من جامعة أكسفورد، إن حجم الطاقة الشمسية التي تم تركيبها في باكستان خلال فترة قصيرة يفوق أي تجربة مماثلة في دول أخرى.

وليس باكستان وحدها؛ فدول مثل البرازيل وتشيلي والسلفادور والمغرب وكينيا وناميبيا تسجل معدلات نمو متقدمة في اعتماد الطاقة النظيفة، متفوقة على الولايات المتحدة في هذا المجال.

A cartoon illustration of different renewable energy sources | Premium  AI-generated image

وتشير التقارير إلى أن أكثر من 63% من أسواق أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية تعتمد على الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء أكثر مما تفعل الولايات المتحدة، ما يعكس سرعة التحول الطاقي في هذه الدول.

ويعود الفضل جزئياً إلى تدفق مكونات الطاقة المتجددة منخفضة التكلفة من الصين، التي ساهمت في تسريع التحول الطاقي في الاقتصادات الناشئة.

ورغم المخاوف بشأن النفوذ الصيني، فإن هذه السلاسل ساعدت الدول منخفضة ومتوسطة الدخل على تحقيق تنمية مستدامة دون الحاجة إلى دعم مالي هائل لم يتحقق في كثير من وعود التمويل المناخي الغربية.

وبالرغم من التحديات السياسية والتحولات السلبية في سياسات الطاقة ببعض الدول الكبرى، يبدو أن الطاقة المتجددة أصبحت رخيصة لدرجة تجعل فشلها مستبعداً. ومع وفرة الكهرباء النظيفة وسهولة بنائها في أي مكان، يطرح الخبراء السؤال: هل يمكن للطاقة الشمسية أن توفر الكهرباء لكل شيء يوماً ما؟

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى