الاقتصادية

الصين تعيد تشكيل التجارة العالمية: كيف حوّلت العقوبات إلى فائض قياسي؟

في وقت يتصارع فيه العالم كله مع أزمات اقتصادية متشابكة، أثبتت الصين قدرتها على تحويل الصعوبات إلى فرص، محققة فائضًا تجاريًا قياسيًا خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من العام الجاري.

إن الأداء الصيني يعكس مرونة مصانعها واستراتيجياتها الذكية في تجاوز العقوبات والرسوم الأمريكية، مع توسيع نفوذها في الأسواق العالمية بطرق مبتكرة.

في مواجهة الانخفاض الحاد في الشحنات إلى الولايات المتحدة بنسبة 18.3%، نجحت الصين في تعويض الفارق من خلال زيادة صادراتها إلى أوروبا وجنوب شرق آسيا وأفريقيا بنسبة 8.9% و14.6% و27.2% على التوالي، مسجلة ارتفاعًا إجماليًا بنسبة 5.7% مقارنة بالعام الماضي، وفق بيانات الجمارك الصينية.

و تستند الاستراتيجية الصناعية للرئيس شي جين بينج إلى ضخ مليارات الدولارات في قطاعات استراتيجية، من الصناعات التقليدية إلى سلاسل التوريد عالية التقنية.

وقد أسهمت هذه الاستثمارات في زيادة الصادرات الصينية بنحو 45% خلال السنوات الخمس الماضية، مؤكدة مكانة الصين كـ “مصنع العالم” القادر على إنتاج كميات هائلة من السلع المتنوعة.

Redirecting Chinese exports from the US: Evidence on trade deflection from the first US-China trade war | CEPR

و على الرغم من أن الغرب رأى في جنوب شرق آسيا بديلًا لتقليل الاعتماد على الصين، إلا أن بكين استغلت المنطقة كجسر لعبور منتجاتها إلى الولايات المتحدة، سواء عبر إعادة التصدير أو الاعتماد على مكوّنات صينية في التجميع النهائي، مما جعل المنطقة حلقة رئيسية في استراتيجيتها التجارية.

نجحت الصين في السيطرة على سلاسل توريد الطاقة النظيفة، متجاوزة الرسوم الأمريكية المفروضة على الألواح الشمسية من دول جنوب شرق آسيا، بعد أن كشفت التحقيقات عن استخدام الشركات الصينية لمصانع وشركاء محليين للتحايل على الرسوم، مما منحها ميزة تنافسية كبيرة.

تشير بيانات الواردات إلى أن بكين تمثل المورد الأبرز لدول الآسيان، حيث تأتي 60% من الواردات على شكل مدخلات وسيطة و30% معدات وآلات، لتصبح الصين المزود الرئيسي لأكثر من 40% من السلع الرأسمالية في المنطقة، متفوقة على اليابان وكوريا الجنوبية وأوروبا الغربية.

حصة القيمة المُضافة الصينية في بعض صادرات دول “آسيان” عام 2025

الدولة

قطاع النسيج

قطاع الإلكترونيات

قطاع الآلات

قطاع النقل

العالم

أمريكا

العالم

أمريكا

العالم

أمريكا

العالم

أمريكا

فيتنام

%20

%19

%17

%24

%17

%28

%16

%18

تايلاند

   %12

%19

%13

%15

%12

%24

%12

%36

كمبوديا

%29

%32

%19

%26

%24

%35

%23

%81

سنغافورة

%12

%3

%1

%4

%5

%3

%4

ماليزيا

     11 %

%26

%12

%15

%12

%17

%9

26

الفلبين

%6

%6

%11

%16

%9

%9

%9

%16

إندونيسيا

%8

%9

%8

%13

%6

%13

%7

%24

بدلاً من توجيه فوائضها إلى السندات الأمريكية، تتجه الاستثمارات الصينية نحو الاقتصادات الإقليمية، حيث بلغت تدفقات رؤوس الأموال نحو منطقة الآسيان حوالي 75 مليار دولار في 2024، أي ما يعادل 2% من الناتج المحلي الإقليمي، ما يعزز من تأثير بكين في المنطقة.

أثار انخفاض الصادرات الأمريكية مخاوف من إغراق أسواق جنوب شرق آسيا وأوروبا بسلع رخيصة قد تؤثر على الصناعات المحلية، إلا أن العديد من هذه المنتجات ينتهي بها المطاف في الولايات المتحدة عبر “الشحن العابر”، لتفادي الرسوم الجمركية.

يتوقع خبراء “مورغان ستانلي” ارتفاع حصة الصين من الصادرات العالمية إلى 16.5% بحلول 2030، مدعومة بالتصنيع المتقدم والقطاعات عالية النمو مثل الروبوتات والمركبات الكهربائية والبطاريات.

ومع استمرار الطلب العالمي على السلع منخفضة التكلفة، يظهر بوضوح أن الإجراءات الحمائية الأمريكية لم تحقق أهدافها المرجوة أمام قوة الإنتاج الصينية الهائلة.

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى