الصين تراجع تأثيرات قيود البيانات الأميركية على البحث العلمي وتسعى لتعزيز اكتفائها التكنولوجي

تعمل الحكومة الصينية حالياً على تقييم تأثير قرارات الإدارة الأميركية المتعلقة بوقف تمويل بعض الوكالات وتعليق نشر فئات معينة من البيانات على قطاع البحث العلمي داخل البلاد.
ووفق مصادر مطلعة، بدأت عدة وزارات وهيئات صينية خلال الأسابيع الأخيرة مراجعة أبعاد هذه القرارات وتأثيرها على أنشطتها التي كانت تعتمد على البيانات الأميركية.
وتشمل الجهات المعنية بالمراجعات الأكاديمية الصينية للعلوم، وإدارة الأرصاد الجوية، ووزارة الموارد الطبيعية، ووزارة الزراعة والشؤون الريفية.
وأشار أحد المصادر إلى أن بعض المشاريع العلمية، مثل دراسات تبييض المرجان في بحر الصين الجنوبي، تواجه اضطرابات بسبب توقف نشر بيانات درجات حرارة المياه الساحلية من الإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) الشهر الماضي.
يأتي هذا في ظل مساعي بكين وواشنطن لإعادة العلاقات الثنائية إلى مسارها الطبيعي، عقب اتفاق مبدئي لتخفيف التوترات التجارية واستئناف تدفق السلع الحساسة بين أكبر اقتصادين عالميًا، رغم بقاء العديد من القضايا العالقة، مثل الفائض التجاري للصين مع الولايات المتحدة.
وتبحث السلطات الصينية في إمكانية تعويض النقص الحالي في البيانات الأميركية بمصادر محلية، مع الحرص على إتمام هذه التقييمات بهدوء لتجنب منح الجانب الأميركي أوراق تفاوض إضافية.
وفي سياق أوسع، تعزز الصين جهودها للحد من اعتمادها على التكنولوجيا والمنتجات الأجنبية، معززةً توجهها نحو الاكتفاء الذاتي، خاصة بعد القيود الأميركية على مبيعات الرقائق الإلكترونية التي ساهمت في دفع نمو قطاع أشباه الموصلات المحلي.
ويرى الرئيس الصيني شي جين بينغ في مجال علم المناخ والتنبؤات الجوية ساحة استراتيجية للمنافسة الجيوسياسية، حيث زاد إنفاق البلاد على “الدبلوماسية المناخية” بشكل كبير خلال العقد الماضي، مستهدفة تعزيز نفوذها العالمي عبر دعم مالي وتكنولوجي لدول أخرى.
وفي المقابل، أدت إجراءات التقشف وتقليص التمويل في الولايات المتحدة إلى تقليل قدرات جمع البيانات في مجالات مثل المناخ والطقس والصحة، حيث شهدت “الإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي” تسريحات كبيرة.
هذا وأكد خبراء أن تخفيض مشاركة البيانات الأميركية يؤثر أيضاً على التعاون العلمي مع شركاء عالميين من أوروبا وأستراليا، مشيرين إلى أن نقص البيانات الميسرة قد يعقد من عمليات البحث والتحليل.
في نفس الوقت، تواجه الصين انتقادات متزايدة بسبب تشديدها القيود على البيانات الحساسة، مما يحد من وصول الباحثين والمحللين إلى معلومات أساسية، مثل قواعد بيانات الشركات والمعاملات المالية، وهو ما انعكس في سياسات شركات البيانات المحلية وتحذيرات وزارة أمن الدولة.
يذكر أن الصين كانت تتعاون مع الوكالات العلمية الأميركية لفترات طويلة، وقد جددت في 2023 معاهدة التعاون مع “الإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي”، حيث أشاد العديد من الباحثين الصينيين سابقاً بدقة البيانات الأميركية وشموليتها، معتبرين التنبؤات الأميركية من بين الأفضل عالمياً.