الشراكة المُلغمة..كيف تحولت كارفور إلى عبء أخلاقي وسياسي على “لابيل في” في المغرب؟

مع استمرار الزخم القوي لحملة مقاطعة متاجر “كارفور” في المغرب، تتصاعد حدة التوتر داخل أروقة مجموعة “لابيل في” المسؤولة عن إدارة العلامة التجارية الفرنسية بالمملكة.
ففي ظل الاتهامات الموجهة لكارفور بدعم جيش الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على غزة، باتت الشراكة مع العلامة الفرنسية تُنظر إليها على أنها عبء ثقيل يلحق الضرر بالمجموعة المغربية.
وكشفت صحيفة “لوموند” الفرنسية نقلاً عن مصدر مقرب من رجل الأعمال زهير بناني، المساهم الرئيسي في “لابيل في”، عن قلق حقيقي يتنامى من كون شراكة كارفور “أصبحت عبئاً” على المجموعة التجارية المغربية.
وأوضحت الصحيفة أن متاجر “كارفور” البالغ عددها 171 في المغرب تواجه منذ خريف 2023 حملة مقاطعة مستمرة تقودها الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع.
وتشمل هذه الحملة توزيع منشورات وتفاعلاً نشطاً على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة في المدن الكبرى كالدار البيضاء والرباط وطنجة، حيث يتركز تواجد المتاجر.
واعتبرت “لوموند” أن وضع متاجر كارفور في المغرب “أكثر تعقيداً” مقارنة بدول مغاربية أخرى كتونس. فقد أشارت “لابيل في” في تقريرها المالي الأخير إلى أن حملة المقاطعة “انعكست سلبياً للغاية خلال الأشهر التسعة الأولى من 2024”.
فبينما حققت المجموعة ارتفاعاً في رقم معاملاتها بنسبة 13% عام 2023، لم تسجل سوى زيادة طفيفة بلغت 3.9% في عام 2024، على الرغم من افتتاح 24 متجراً جديداً.
تجدر الإشارة إلى أن العلامة التجارية كارفور تُدار في المغرب بموجب اتفاق امتياز مع مجموعة “لابيل في” منذ عام 2019.
وقد أقر رئيس مجلس إدارة المجموعة، رشيد حدني، في 27 فبراير 2025، بأن كارفور قد “تأثرت بالفعل” في عام 2024، وأنه تم بذل “جهود تجارية كبيرة” لاستعادة العملاء.
وكانت “لابيل في” قد أعلنت قبل شهرين عن تأثرها بحملة المقاطعة الشعبية على خلفية الحرب على غزة. وصرح مديرها العام، رشيد حدني، خلال عرض النتائج المالية لسنة 2024: “هناك أمران يجب قولهما بشأن حملة المقاطعة، وبكل شفافية.
نعم، لقد تأثرنا في عام 2024، وكان ذلك محصوراً في مناطق معينة.” وأكد أن “التأثير طال العلامة التجارية كارفور”، بينما “لم يشمل أتقداو وسوبيكو”.
وفي هذا السياق، اعتبرت سلمى وعمرو، الناشطة في حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS)، أن تصريحات مدير عام “لابيل في” تؤكد فعالية جهود المقاطعة في المغرب، في إطار الحملة العالمية لمقاطعة سلسلة متاجر كارفور لتورطها في دعم إسرائيل خلال حربها على غزة.
وأوضحت المتحدثة أنه على الرغم من عدم توفر إحصائيات دقيقة حول التأثير المباشر لحملة المقاطعة، “إلا أننا على يقين بأنها تحقق نتائج ملموسة، إذ تشهد مجموعة من المدن حراكاً واسعاً في هذا الإطار”، مشيرة إلى الرباط وسلا والدار البيضاء وطنجة ووجدة ومراكش كأمثلة.
وتابعت: “هذا ما يدفعنا للاستمرار في الحملة حتى تحقيق هدفنا على مستوى المغرب، بقطع العلاقات بين ‘لابيل في’ وكارفور الفرنسية، وهدفنا الأساسي عالمياً بسحب هذه الأخيرة استثماراتها من أسواق الاحتلال”.
ويشهد المغرب منذ أكتوبر 2023 حركة مقاطعة شعبية واسعة استهدفت مجموعة من العلامات التجارية، بما في ذلك شركات أمريكية وفرنسية.
وشملت هذه الحركة حملات تحسيسية في الشوارع وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى فعاليات ضاغطة تمثلت في مسيرات شعبية ووقفات احتجاجية أمام المتاجر.