السفر المزدوج..كيف يدمج الموظفون بين العمل والاستكشاف في عالم متغير

في عالم يتسارع فيه إيقاع الحياة وتزداد ضغوط العمل، يظهر نمط جديد في السفر يغيّر من الطريقة التي نفكر بها حول الرحلات المهنية.
هذا النمط يجمع بين أداء المهام العملية والاستمتاع بتجارب شخصية مميزة خلال نفس الرحلة.
وفي قلب هذه الظاهرة، نجد “جوناثان بيركلي”، مدير العمليات في شركة استشارات مالية بلندن، الذي اختار في أحد الأيام الصيفية بأوساكا اليابانية أن لا يختصر رحلته على جدول الأعمال فقط، بل يمدّد إقامته ليغوص في نسيج المدينة، متذوقًا طعم “تاكوياكي” الشعبي ومتمتعًا بالحياة الليلية النابضة في نامبا.
هذا الاتجاه الجديد، المعروف عالميًا بـ”السفر المزدوج” أو Bleisure، يعكس تحولا عميقًا في مفهوم السفر المهني. فقد تجاوز كونه مجرد وسيلة للوصول إلى مكان العمل ليصبح جسرًا لفتح أبواب الثقافة، والاسترخاء، والترفيه.
في ظل التغيرات التي تشهدها بيئات العمل، خاصة مع انتشار العمل عن بُعد وأساليب الهجين، أصبح من الشائع أن يستغل الموظفون فترة وجودهم في مدن جديدة لإضافة أيام للراحة والاستمتاع.
هذا المزيج الذكي بين العمل والترفيه لا يساعد فقط على تعزيز الإنتاجية، بل يخلق تجربة سفر أكثر ثراءً وإنسانية.
تشير بيانات شركة Tourism Economics إلى أن الإنفاق العالمي على السفر في 2024 بلغ حوالي 5.5 تريليون دولار، مع حصة كبيرة للسفر التجاري.
مقارنة بين السفر المزدوج والسفر الترفيهي التقليدي
البند |
السفر الترفيهي التقليدي |
السفر المزدوج |
متوسط مدة الرحلة |
7–10 أيام |
5–8 أيام |
الجهة الممولة |
المسافر (كليًا) |
الشركة (جزئيًا) |
الهدف الأساسي |
الترفيه فقط |
العمل + الترفيه |
توقيت الرحلة |
مرتبط بالإجازات |
مرتبط بمهمة |
التكلفة على المسافر |
أعلى |
أقل |
اللافت أن قطاع السفر المزدوج نما بنسبة 19%، متفوقًا على السفر الترفيهي التقليدي. وتقديرات شركة “Navan” توضح أن سوق الـBleisure سيصل إلى 731 مليار دولار بحلول عام 2032، بمعدل نمو سنوي ثابت.
بحسب دراسة “TravelPerk”:
-
76% من المسافرين للعمل يخططون لإضافة جانب ترفيهي لرحلاتهم.
-
التوازن بين الصحة النفسية والمهام الوظيفية يحفز الموظفين على اختيار هذا النمط.
-
العمل الهجين يمنح مرونة لتمديد الإقامة.
-
التوفير الاقتصادي: معظم التكاليف الأساسية مغطاة من قبل الشركات، ما يجعل العطلة المرافقة أقل تكلفة.
مدن عالمية تحتضن السفر المزدوج
-
كيرنز في أستراليا ارتفع متوسط إقامة العاملين فيها من 3 إلى 8 أيام.
-
برشلونة حيث 42% من العاملين يمددون رحلاتهم يومين على الأقل.
-
سنغافورة بمزيج فريد بين الفعاليات والمؤتمرات والتجارب الثقافية.
-
أمستردام التي شهدت زيادة بنسبة 19% في الإقامات الممددة.
-
بريسبان التي حققت إنفاقًا سياحيًا قياسيًا مدفوعًا بارتفاع هذا النوع من السفر.
شركات الطيران مثل “دلتا” و”لوفتهانزا” توفر تذاكر مرنة مع خيارات توقف طويلة، بينما تقدم فنادق مثل “ماريوت” و”هيلتون” باقات خاصة للمسافرين الذين يجمعون بين العمل والترفيه، مع خدمات متكاملة تلبي احتياجاتهم المتنوعة.
كما تطور شركات إدارة السفر أدوات تقنية تساعد على تنظيم وتنفيذ هذا النمط بفعالية.
تسعى دول مثل سنغافورة وألمانيا لاستقطاب المسافرين من فئة الأعمال عبر حملات ترويجية تقدم مزايا ثقافية وترفيهية، ما يجعل من الرحلة المهنية تجربة إنسانية غنية بالذكريات التي تتجاوز أروقة المؤتمرات.
السفر المزدوج ليس مجرد وسيلة لإنجاز العمل، بل هو إعادة تصور لكيفية الاستفادة من كل لحظة في الرحلة، مدمجًا بين الإنجاز المهني ومتعة الاستكشاف والتجديد النفسي.
في زمن تتداخل فيه حدود العمل والراحة، بات هذا النمط خيارًا مثاليًا لموظفي اليوم الذين يبحثون عن توازن حقيقي بين الحياة المهنية والشخصية.