الرفاهية المفخخة.. حين يتحول “نمط العيش” إلى طُعم لنهب مدخرات المغاربة باسم التداول

خلف شاشات الهواتف البراقة ومقاطع الفيديو التي تفوح منها رائحة الثراء الفاحش، تدور رحى “حرب قذرة” بين وجوه معروفة على منصات التواصل الاجتماعي.
هؤلاء الذين يقدمون أنفسهم كـ “عباقرة تداول” و”خبراء أسواق مالية”، دخلوا مؤخراً في موجة من التراشق العلني والاتهامات المتبادلة، لكن الحقيقة التي كشفها تحقيقنا تتجاوز مجرد “خلاف عابر”؛ إنها معركة استراتيجية للسيطرة على “قطيع الضحايا”.
لا يبدأ الفخ بطلب المال، بل بصدمة بصرية. يعتمد هؤلاء المؤثرون على “تسليع النجاح”، حيث تمتلئ حساباتهم على “إنستغرام” بصور السيارات الرياضية، الساعات الباهظة، والرحلات الجوية الخاصة. هذه المشاهد ليست إلا “طُعماً” مدروساً بعناية لدغدغة أحلام الشباب الراغب في الربح السريع.
وعندما يبدأ أحدهم في الاستحواذ على حصة أكبر من المتابعين، تنفجر “حرب الإفشاءات”.
يقوم منافسوه بمهاجمته واتهامه بالجهل، ليس كشفاً للحقائق، بل هي خطة “إعادة تدوير الضحايا”؛ فالهدف هو إقناع المتابعين بأن “المؤثر (أ) نصاب، وتعالوا إليّ أنا (ب) الخبير الحقيقي”.
تتفرع طرق النصب إلى مسارين رئيسيين، كلاهما ينتهي بإفلاس الضحية:
أكاديميات الوهم: بيع دورات تدريبية بأسعار خيالية تُسوق كـ “مفتاح سحري” للثراء. وفي شهادة صادمة حصلت عليها الجريدة، تروي إحدى السيدات كيف دفعت 30,000 درهم مقابل برنامج تدريبي، لتكتشف بعد تحويل المبلغ أن “الخبير” المزعوم قام بحظرها واختفى تماماً من الوجود الرقمي.
الوسطاء الأشباح: يدعي هؤلاء التحكم في خوارزميات السوق، ويجرون الضحايا إلى منصات تداول وهمية. المثير للخوف هو التلاعب النفسي؛ فعندما يخسر الضحية أمواله، يقنعه “الوسيط” بضخ مبالغ إضافية لتعويض الخسارة، في مسلسل استنزاف لا ينتهي إلا بنفاد مدخرات الضحية بالكامل.
بينما يمثل “إنستغرام” واجهة العرض وجذب الزبائن، يعتبر تطبيق “تلغرام” هو “المطبخ الأسود” لهذه العمليات.
هناك، يتم حشد الضحايا في مجموعات مغلقة، حيث تسود أجواء من “القطيع الرقمي” الذي يهلل للأرباح الوهمية، مما يمنع أي صوت عاقل من التحذير، ويجعل الضحية يشعر بأنه جزء من مجتمع “النخبة” قبل أن يستفيق على واقع الصفر في حسابه البنكي.
نصيحة الخبراء: الثراء السريع عبر منصات التداول التي يروج لها المؤثرون هو في الغالب “لعبة صفرية” الخاسر الوحيد فيها هو المتابع، والرابح هو صاحب “الكود” أو “الدورة التدريبية”.




