الاقتصاديةتكنولوجيا

الذكاء الكمومي..مايكروسوفت تقود الثورة التقنية بتطوير كيوبتات طوبولوجية

حتى تاريخ 19 فبراير 2025، ظل اسم “مايورانا” مجهولاً خارج الأوساط العلمية المتخصصة، حتى جاءت مايكروسوفت لتحدث تحولاً جذريًا في هذا السياق.

الشركة أعلنت عن تطوير أول شريحة حوسبة كمومية تعتمد على “الكيوبتات الطوبولوجية”، وهي تقنية جديدة تستخدم نوعاً فريداً من الجسيمات المعروفة بـ “فرميونات مايورانا”، تكريماً للفيزيائي الإيطالي إيتوري مايورانا.

هذا الإنجاز لا يُعدُّ خطوة تقنية بارزة فقط، بل يمثل قفزة نوعية نحو تحقيق ما يُسمى بـ “الميزة الكمومية”.

بخلاف الحوسبة التقليدية التي تعتمد على البتات الثنائية (0 أو 1)، تستفيد الحوسبة الكمومية من قوانين ميكانيكا الكم لترميز المعلومات باستخدام الكيوبتات.

وهذه الكيوبتات تتمتع بقدرة فريدة على التواجد في حالتي الصفر والواحد في الوقت ذاته، وهي خاصية تعرف بـ “التراكب الكمومي”، التي تتيح لها إجراء عمليات حسابية متوازية بسرعة لا تُضاهى.

كما أن ظاهرة “التشابك الكمومي” تمنح الحوسبة الكمومية قوة معالجة هائلة تمكنها من التعامل مع كميات ضخمة من البيانات.

على سبيل المثال، يمكن للحواسيب الكمومية أن تساعد شركات الطيران في تحديد أفضل المسارات الجوية بين مدن بعيدة مثل سيدني ونيويورك، مع مراعاة عوامل متعددة مثل استهلاك الوقود والأحوال الجوية. في مجال الأدوية، تفتح الحوسبة الكمومية آفاقًا جديدة لتصميم جزيئات دوائية بدقة لا مثيل لها.

c632eb8a 915a 46c4 89fd a2a4f9c85d9c Detafour

شهد العقد الماضي تسارعاً ملحوظاً في أبحاث وتطوير الحوسبة الكمومية، حيث تقود شركات مثل مايكروسوفت، جوجل، وآي بي إم هذا المجال، جنباً إلى جنب مع الشركات الناشئة مثل كوانتينيوم وآيون كيو.

هذا التوجه المتسارع أدى إلى تقدم كبير في تصميم الأجهزة والخوارزميات الكمومية. ومع إعلان مايكروسوفت عن تقنية “الكيوبتات الطوبولوجية”، يمكن أن يعزز ذلك التقدم بشكل كبير ويشكل نقطة تحول في هذا المجال.

لا تتبنى جميع الشركات في هذا المجال نفس النهج في تطوير الحوسبة الكمومية. على سبيل المثال، تركز آي بي إم وجوجل على تطوير الكيوبتات فائقة التوصيل، بينما تهدف شركات مثل زانادو وبساي كوانتوم إلى تطوير الحوسبة الكمومية باستخدام الفوتونات.

وفي نوفمبر 2024، كشفت آي بي إم عن شريحة “هيرون” من الجيل الثاني التي تحتوي على 156 كيوبت.

في المستقبل، لن تحل الحوسبة الكمومية محل الحواسيب التقليدية تمامًا، لكنها ستتفوق عليها في التعامل مع المشكلات المعقدة في مجالات مثل الطب، المالية، علوم المواد، والتصنيع.

a782ae83 1b45 4961 a2d1 dfbfd4e53213 Detafour

مثلاً، في الطب، يمكن للكمبيوتر الكمومي تسريع اكتشاف الأدوية من خلال محاكاة التفاعلات الكيميائية والذرية بدقة عالية. وفي المالية، ستُحسن النماذج الكمومية من إدارة المحافظ الاستثمارية وتقييم المخاطر.

بسبب الإمكانيات غير المحدودة لهذه التقنية، تتسابق الحكومات والشركات الكبرى للاستثمار في هذا القطاع الواعد. فالشركات التي تبدأ في تبني هذه التقنية اليوم ستقود الاقتصاد العالمي في المستقبل.

لقد أصبحنا قريبين جدًا من تحقيق التفوق الكمومي، وهي المرحلة التي ستتمكن فيها الحواسيب الكمومية من حل المشكلات التي تستعصي على الحواسيب التقليدية.

لذا، من الضروري أن تدرك الشركات والمؤسسات أهمية هذه التقنية، حيث ستكون الفرصة الاستراتيجية التي تحدد ملامح المستقبل التكنولوجي والاقتصادي.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى