الاقتصاديةالتكنولوجيا

الذكاء الاصطناعي في مواجهة الأمن السيبراني.. هجمات آلية تفتح باب القلق العالمي

في ظل التطور المتسارع لتقنيات الذكاء الاصطناعي، تتزايد المخاوف من استغلال هذه القدرات لأغراض خبيثة. أحدث الأمثلة على ذلك تمثل في سلسلة هجمات إلكترونية آلية استهدفت مؤسسات حول العالم، بما في ذلك شركات تقنية كبرى، مؤسسات مالية، شركات تصنيع كيماويات، وهيئات حكومية، تحت ذريعة إجراء أبحاث في مجال الأمن السيبراني.

أعلنت شركة الذكاء الاصطناعي الأمريكية “أنثروبيك” أن أداة البرمجة الخاصة بها “كلود كود” تعرضت للاستغلال من قبل مجموعة صينية مدعومة من الدولة، والتي شنت هجمات على ثلاثين هدفًا عالميًا خلال شهر سبتمبر.

وأسفرت هذه الحملة عن اختراقات واستخراج بيانات حساسة، تم تصنيفها للحصول على معلومات استراتيجية.

رغم الحواجز الأمنية التي وضعتها شركات الذكاء الاصطناعي لمنع أنظمتها من التسبب بأضرار، تمكن المخترقون من تجاوز هذه الحواجز عبر تكليف “كلود” بالتصرف كموظف في شركة أمن سيبراني لإجراء اختبارات وهمية. وباستخدام مهام آلية صغيرة مرتبطة معًا، تمكنوا من بناء حملة تجسس متطورة للغاية.

بين الشكوك والمخاوف..الذكاء الاصطناعي سريع التطور يدق ناقوس الخطر

المسؤول

التوضيح

مارتن زوغيك” المسؤول لدى شركة الأمن السيبراني “بت ديفيندر”

Bitdefender
 

يرى أن مطورة “كلود” تقدم ادعاءات متباينة، ولا توفر أي أدلة استخباراتية موثوقة بشأن التهديدات.

“فريد هايدينغ” الباحث في أمن الحوسبة بجامعة “هارفارد”

يرى أن أنظمة الذكاء الاصطناعي أصبحت قادرة على أداء مهام كانت تتطلب في السابق خبراء ماهرين من البشر، وأنه أصبح من السهل للغاية على المخترقين التسبب في أضرار جسيمة وشركات التكنولوجيا لا تتحمل المسؤولية الكافية.

“ميخال فوزنياك” الخبير المستقل في الأمن السيبراني

بينما يرى “فوزنياك” أن المشكلة الأكبر تتمثل في دمج الشركات والحكومات لأدوات الذكاء الاصطناعي المعقدة في عملياتها دون فهمها مما يعرضها لثغرات أمنية

وانتقد الشركة الأمريكية قائلاً: تبلغ قيمة “أنثروبيك” 180 مليار دولار تقريبًا، ورغم ذلك فإنها عاجزة عن إيجاد طريقة لتجنب تقويض أدواتها بتكتيك يستخدمه طفل في الثالثة عشرة من عمره عندما يريد القيام بخدعة ما من خلال مكالمة هاتفية.

مجلة “إم آي تي تكنولوجي ريفيو”

أشارت إلى أن وكلاء الذكاء الاصطناعي أقل تكلفة من القراصنة المحترفين، ويمكنهم العمل سريعًا على نطاق أوسع.

ماريوس هوبهان” مؤسس “أبولو ريسيرش”

ذكر أن الهجمات تشير إلى ما قد يحدث مع نمو القدرات التقنية، متوقعًا المزيد من الأحدث المماثلة في السنوات القادمة، مع عواقب وخيمة محتملة.

أوضحت “أنثروبيك” أن ما يميز هذه الحوادث عن الهجمات السابقة المدعومة بالذكاء الاصطناعي هو أن “كلود” نفذ بين 80% و90% من العمليات بشكل مستقل تقريبًا، دون تدخل بشري مباشر، مما يعكس قدرة هذه الأنظمة على العمل لفترات طويلة بكفاءة عالية.

رغم الأخطاء التي ارتكبها الذكاء الاصطناعي، مثل زعم استخراج معلومات عامة على أنها سرية، فإن حجم العمل المنجز كان هائلاً ويستغرق وقتًا طويلاً إذا قام به فريق بشري من الخبراء.

تسلط هذه الواقعة الضوء على المخاطر المتزايدة في عصر وكلاء الذكاء الاصطناعي، حيث يمكن لهذه الأنظمة تحليل الأنظمة المستهدفة، ومسح كميات ضخمة من المعلومات، وإتمام مهام معقدة بشكل شبه مستقل، مما يرفع سقف التهديدات السيبرانية إلى مستويات جديدة.

شكك بعض الخبراء في دقة ما أعلنته “أنثروبيك”، مشيرين إلى أن بعض الشركات قد تبالغ في استخدام المخترقين لأدواتها لتعزيز الاهتمام بمنتجاتها.

ومع ذلك، يرى كثيرون أن الحاجة ماسة لتعاون عالمي لوضع أطر تنظيمية تحمي من استغلال الذكاء الاصطناعي، كما حذر السيناتور الأمريكي “كريس مور” عبر منصة “إكس”: “استيقظوا، هذا سيدمرنا أسرع مما نعتقد إذا لم نجعل تنظيم الذكاء الاصطناعي أولوية وطنية”.

سواء كانت ادعاءات “أنثروبيك” دقيقة أم لا، فإن الواقعة تكشف مدى انخفاض العوائق أمام شن هجمات إلكترونية متطورة، وإمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي للقيام بمهام كانت تتطلب فرقًا كاملة من الخبراء. وهذا يعزز الحاجة الملحة لوضع تشريعات وتنظيمات عاجلة لمواجهة تهديدات هذا التحول التكنولوجي المتسارع.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى