الذكاء الاصطناعي في العمل..كيف يعيد تشكيل مستقبل الوظائف في 2025

في الوقت الذي يواصل فيه الذكاء الاصطناعي فرض وجوده في مختلف جوانب الحياة اليومية، يكشف تقرير “مؤشر اتجاهات العمل السنوي لعام 2025” الصادر عن شركة “مايكروسوفت” عن تحول جذري في مفهوم العمل.
لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة مساعدة فحسب، بل أصبح القوة المحركة الأساسية وراء ظهور ما أطلق عليه التقرير “شركات الريادة المستقبلية”.
حيث تحول الذكاء الاصطناعي من مصدر نادر ومكلف إلى أداة متاحة بكثافة وبأسعار منخفضة، مما يتيح للشركات التوسع وزيادة قدرتها التشغيلية بشكل لم يكن ممكنًا في السابق.
وفقًا للتقرير، أعرب 82% من قادة الأعمال عن ثقتهم في قدرة “العمل الرقمي” على تعزيز كفاءة القوى العاملة خلال العام والنصف المقبلين.
ومع ذلك، يكشف التقرير عن وجود فجوة متزايدة بين متطلبات الأداء المؤسسي والقدرة البشرية على الوفاء بها.
حيث أشار 53% من القادة إلى ضرورة رفع الإنتاجية، بينما يعاني 80% من الموظفين والمديرين من نقص في الوقت والطاقة لإنجاز مهامهم اليومية.
هذه التحديات تكشف عن الحاجة إلى تغيير جوهري في طريقة إدارة الأعمال، حيث أصبحت مقاطعات العمل أكثر تواترًا، مما يعيق الإنتاجية.
وأشار التقرير إلى أن الموظفين يتعرضون لمقاطعة كل دقيقتين تقريبًا خلال ساعات العمل الرسمية، بينما ارتفعت الرسائل الفورية بعد ساعات العمل بنسبة 15% مقارنة بالعام الماضي.
كما تزايدت الاجتماعات العابرة للمناطق الزمنية بنسبة 8% منذ عام 2021، مما يظهر أن نمط العمل التقليدي لم يعد مناسبًا للمتطلبات الحالية.
ومع هذا التحول، دعا تقرير “مايكروسوفت” إلى إعادة صياغة جوهر العمل المعرفي. حيث يُفترض أن يتحول الإنسان من مجرد عامل منتج إلى قائد للإبداع واتخاذ القرارات، بينما يتولى الوكلاء الرقميون تنفيذ المهام الروتينية.
هذه الفكرة، التي تشبه إلى حد كبير الثورات التي أحدثتها الإنترنت والهاتف المحمول، تفتح آفاقًا جديدة في عالم العمل.
في هذا السياق، سلط التقرير الضوء على ما أسماه “شركات الريادة المستقبلية”، وهي الشركات التي تبنت الذكاء الاصطناعي بشكل كامل، ونجحت في توظيف الوكلاء الرقميين لتعزيز الإنتاجية والنمو.
و أظهرت هذه الشركات معدلات نجاح عالية، حيث اعتبر 71% من موظفيها أن شركاتهم مزدهرة، مقارنة بنسبة 37% على مستوى الشركات الأخرى في العالم.
كما عرض التقرير أمثلة عملية على كيفية استفادة بعض الشركات الناشئة من الذكاء الاصطناعي لزيادة أرباحها. إحدى هذه الشركات، التي تتكون من خمسة موظفين فقط، تمكنت من رفع هامش أرباحها بنسبة 20% من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي في محاكاة عمليات البناء والبحث في الأسواق.
لكن التقرير يوضح أيضًا أن المستقبل لن يكون خاليًا من العنصر البشري. بل إن هناك ضرورة للتكامل بين الذكاء الاصطناعي والقدرة البشرية في مجالات مثل اللوجستيات والمالية والقانون، حيث لا يزال التدخل البشري ضروريًا لضمان المساءلة الأخلاقية واتخاذ القرارات الصائبة.
وفي هذا الإطار، يدعو تقرير “مؤشر اتجاهات العمل السنوي لعام 2025” إلى ضرورة تطوير مهارات جديدة لدى الموظفين، من بينها تعلم كيفية العمل مع الذكاء الاصطناعي وتفويض المهام المناسبة للوكلاء الرقميين.