تكنولوجياالأخبار

الذكاء الاصطناعي: ثورة جديدة في عالم البحث عبر الإنترنت

لطالما كانت محركات البحث منذ بداية الإنترنت الوسيلة الأكثر فاعلية لاكتشاف المعلومات والتجول في أرجاء الشبكة العنكبوتية الواسعة.

إلا أن التطورات المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي تشير إلى أن هذه التجربة التقليدية قد وصلت إلى مرحلة التحول، لتمهد الطريق أمام عصر جديد يغير كيفية تفاعلنا مع المعرفة والمعلومات.

اليوم، يمكن للمستخدمين طرح أسئلة معقدة باستخدام اللغة الطبيعية، ليحصلوا على إجابات مفصلة تدعمها المعلومات الحديثة من مختلف المصادر عبر الإنترنت، وذلك بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي التي أصبحت تتصدر المشهد.

شركة جوجل، الرائدة في مجال محركات البحث، تضع قدمها في هذا التحول من خلال تقنيتها الجديدة “نظرة عامة مُولّدة بالذكاء الاصطناعي” AI Overviews، التي بدأت في اختبارها منذ عام 2023.

و تعتمد هذه التقنية على نماذج لغوية ضخمة (LLMs) لتقديم إجابات شاملة ودقيقة للأسئلة، مما يسهل على المستخدمين استكشاف المواضيع المعقدة.

على سبيل المثال، بدلاً من تصفح العديد من الروابط للحصول على معلومات حول زيارة إلى طوكيو، يمكن للمستخدم طرح سؤال محدد مثل “سأزور طوكيو لمدة أسبوع، ما هي المهرجانات القريبة؟

وكيف ستكون حالة ركوب الأمواج في كاماكورا؟”، ليحصل على إجابة مباشرة ودقيقة. كما دخلت شركات مثل “أوبن إيه آي” و”مايكروسوفت” و”ميتا” هذا المجال، حيث قامت “أوبن إيه آي” بتحديث “شات جي بي تي” ليصبح قادرًا على الوصول إلى الإنترنت وتقديم إجابات محدثة.

و تواجه هذه التطورات تحديات عدة. فمن جهة، يعيد الذكاء الاصطناعي صياغة المحتوى من المواقع الأصلية، مما يقلل من رغبة المستخدمين في النقر على الروابط الأصلية.

وقد دفع ذلك بعض الناشرين إلى رفع دعاوى قضائية لحماية حقوقهم.

من جهة أخرى، قد تقدم النماذج اللغوية إجابات غير دقيقة أو متناقضة، وهو ما يعرف بـ “الهلوسة” في الذكاء الاصطناعي. هذا يمكن أن يؤدي إلى فقدان الثقة في الإجابات التي يتم تقديمها، خاصة عندما تختلف النتائج تبعًا لوقت البحث أو هوية المستخدم.

لكن هذه التحولات تفتح أيضًا فرصًا جديدة لتوسيع آفاق المعرفة وتقديم المعلومات بشكل أكثر سهولة ودقة. كما يشير سوندار بيتشاي، المدير التنفيذي لشركة جوجل، إلى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يساعدهم في إنشاء وتوليف المعلومات بطريقة لم تكن ممكنة سابقًا.

و في مايو 2024، أطلقت جوجل ميزة “نظرة عامة مدعومة بالذكاء الاصطناعي” في الولايات المتحدة، لكن واجهت بعض الانتقادات بسبب ظهور أخطاء غير منطقية مثل نصائح غريبة.

Scientific AI vs. Pseudoscientific AI: Big Tech AI, ML, DL as a  pseudoscience and fake technology

ورغم أن هذه الأخطاء نتجت عن أسئلة مضللة، إلا أنها سلطت الضوء على تحديات أساسية في استخدام هذه التكنولوجيا.

من أجل تحسين الدقة، تعتمد جوجل على فريق من المقيمين البشريين لتقييم جودة الإجابات. ورغم هذه الجهود، يبقى التحدي الأكبر في الكشف عن الأخطاء الخفية التي قد تبدو طبيعية على السطح ولكنها خاطئة في الواقع.

الذكاء الاصطناعي قد يفتح أبوابًا جديدة للشركات الصغيرة والمتخصصة للوصول إلى جمهور أوسع، بفضل تمكين المستخدمين من طرح أسئلة أكثر دقة ووضوحًا.

إليزابيث ريد، رئيسة قسم البحث في جوجل، تشير إلى أن هذا يمكن أن يساهم في تميّز المحتوى المتخصص، مما يخلق فرصًا للمجالات الضيقة.

أوبن إيه آي قدمت أيضًا تحديثًا لبرنامج “شات جي بي تي” ليتكامل مع البحث المباشر عبر الإنترنت، ليقدم معلومات محدثة عند الحاجة. هذه التقنية تعتبر تطورًا مهمًا في طريقة تفاعل المستخدمين مع المعلومات.

و رغم أن شات جي بي تي أصبح قادرًا على تقديم معلومات محدثة، فإن جوجل لا تزال تهيمن على سوق البحث.

AI Revolution: Redefining Digital Interaction in the Post-Search Era

وفقًا لإليزابيث ريد، تسعى جوجل لتوسيع آفاق البحث ليشمل نصوصًا وصورًا وفيديوهات توضيحية. في هذا السياق، يشير ساندر بيتشاي إلى أن جوجل تحول استراتيجيتها من “المحمول أولًا” إلى “الذكاء الاصطناعي أولًا”، مما يدل على رؤية مستقبلية للبحث.

لا شك أن البحث المدعوم بالذكاء الاصطناعي سيكون هو المستقبل. فهو يوفر تجربة بحث أكثر ذكاءً وفعالية، ويساعد المستخدمين على الوصول إلى المعلومات بشكل أسرع وأكثر تنظيمًا.

ولكن مع هذا التقدم، تظل بعض الأسئلة قائمة حول دور الناشرين والمبدعين في هذا التحول، وهل سيُحفظ لهم حقوق الملكية الفكرية في عصر الذكاء الاصطناعي؟

قد يتطلب هذا الوضع إعادة التفكير في العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والمعلومات التي يعيد إنتاجها، لضمان أن هذه الثورة التقنية تفيد الجميع دون استثناء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى