التوتر التجاري تحت إدارة ترامب يعجل بتخارج الشركات الأميركية من السوق الصينية

مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تصاعدت حدة الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، مستمرة في رسم معالم توتر جديد بين أكبر اقتصادين في العالم، حيث تشهد العلاقات الاقتصادية بين البلدين توترات غير مسبوقة مقارنة بالفترة السابقة.
في عهد ترامب الأول، فرضت واشنطن رسوماً جمركية ضخمة على البضائع الصينية، ما أثار ردود فعل مماثلة من بكين وأسفر عن هدنة مؤقتة.
لكن اليوم، تشهد السوق عودة قوية لهذا الصراع التجاري، وهو ما انعكس بشكل واضح على سلوك الشركات الأميركية التي لطالما اعتمدت على الصين كمركز رئيسي للتصنيع بهدف تقليل التكاليف وتسريع الإنتاج.
تشير تقارير حديثة إلى تسارع وتيرة انسحاب الشركات الأميركية من الصين، حيث أظهر استطلاع أجراه مجلس الأعمال الأميركي الصيني أن أكثر من نصف الشركات الأميركية (52%) لا تخطط للاستثمار في الصين، وهو رقم قياسي يشكل زيادة حادة مقارنة بـ 20% فقط في العام الماضي.
ويغطي الاستطلاع كبرى الشركات الأميركية متعددة الجنسيات، حيث بلغت نسبة الشركات التي حققت إيرادات تفوق المليار دولار في الصين خلال العام الماضي أكثر من 40%.
إلى جانب ذلك، أفادت 27% من الشركات بأنها نقلت أو تخطط لنقل بعض عملياتها الإنتاجية إلى خارج الصين، في أعلى مستوى يُسجل منذ عام 2016، مع تضاعف هذه النسبة ثلاث مرات خلال السنوات الأربع الأخيرة، مما يعكس بوضوح تأثير سياسات ترامب على موازين القوى الاقتصادية العالمية.
وعلى الرغم من الاتفاق الأخير الذي شهد تخفيض الولايات المتحدة لرسومها الجمركية على البضائع الصينية من 145% إلى 30%، وخفض الصين لرسومها على المنتجات الأميركية من 125% إلى 10%، لا تزال التوترات قائمة، ويمثل هذا الاتفاق فقط هدنة مرحلية وسط منافسة اقتصادية محتدمة.
تداعيات هذه الحرب التجارية الجديدة تتجاوز الحدود بين البلدين، إذ يعيد المشهد الاقتصادي الدولي تشكيل سلاسل التوريد العالمية ويضع الشركات أمام تحديات جديدة في قرارات الاستثمار والإنتاج، مع تداعيات واضحة على السوق العالمية.