التقسيم العكسي للأسهم…أداة استراتيجية بين الفرصة والتحذير

تشكل عملية تقسيم الأسهم واحدة من الأدوات المالية التي تعتمدها الشركات لتعزيز جاذبية أسهمها في السوق. لكن في المقابل، فإن التقسيم العكسي للأسهم، وهو عكس التقسيم التقليدي، يستخدم عادة في ظروف خاصة حيث تواجه الشركة تحديات في السوق أو تسعى لتحسين صورتها أمام المستثمرين.
عند تنفيذ التقسيم العكسي، يتم دمج عدد معين من الأسهم في سهم واحد، مما يرفع السعر الاسمي للسهم بشكل ملحوظ. فعلى سبيل المثال، قد تتحول 15 سهماً إلى سهم واحد جديد.
وعلى الرغم من التغيير في عدد الأسهم المتداولة وسعر السهم، تظل القيمة السوقية الإجمالية للشركة ثابتة، حيث يقابل انخفاض عدد الأسهم ارتفاع في السعر بنفس النسبة.
تكثر أسباب استخدام هذا الخيار، وأبرزها حماية الشركة من شطب السهم في البورصة، حيث تفرض بعض الأسواق حدًا أدنى لسعر السهم، كما تسعى الشركات لجذب المستثمرين المؤسسيين الذين قد يتجنبون الأسهم منخفضة السعر.
مثال ذلك ما حدث مع شركة سيتي جروب بعد الأزمة المالية العالمية، حين قامت في 2011 بتقسيم عكسي بنسبة 1 مقابل 10 لرفع سعر السهم وتأهيله للاستثمار من قبل صناديق كبرى.
هذا القرار كان يهدف إلى تحسين الصورة النفسية للشركة، إعادة توزيع رأس المال لتسهيل إدارة الأرباح، وتقليل التداول عالي التردد الذي يرتبط بأسهم منخفضة السعر.
بعد التقسيم، لوحظ تراجع في حجم التداولات السريعة وظهور نوعية مختلفة من المستثمرين، لكنه لم يمنع تراجع سعر السهم لاحقًا، مما يعكس محدودية فاعلية هذا الإجراء وحده في معالجة المشاكل الجوهرية.
شركة “أبل” تمثل حالة مميزة، إذ لجأت للتقسيم العكسي عام 2000 عندما انخفض سعر سهمها بشدة خلال فترة فقاعة الإنترنت.
فرغم أن التقسيم لم يعكس تحسناً فورياً في السعر، إلا أنه ساعد في تحسين صورة الشركة أمام المستثمرين، مهدياً الطريق لمرحلة نمو كبيرة مع إطلاق منتجات ثورية مثل “آيبود” و”آيفون” التي رفعت قيمة السهم إلى مستويات قياسية على المدى البعيد.
في المقابل، تعرضت شركة “أمريكان أباريل” لانهيار حاد رغم تنفيذها تقسيمًا عكسيًا مشابهًا عام 2016. كانت الأزمة المالية والإدارية التي تعاني منها عميقة، ولم يكن رفع سعر السهم أداة كافية لتجنب الإفلاس وبيع الأصول.
التقسيم العكسي هو في الأصل أداة لتحسين مظهر سعر السهم، لكنه لا يعالج جوهر المشكلات المالية أو الإدارية التي قد تواجه الشركة.
المستثمرون بحاجة لفهم أن هذه العملية قد تكون بمثابة إنذار يشير إلى وجود تحديات داخلية قد لا تكون واضحة بالضرورة. النجاح الحقيقي يتطلب تغييرًا حقيقيًا في استراتيجيات وأداء الشركة، وليس مجرد إعادة هيكلة في عدد الأسهم وأسعارها.