الاقتصادية

التعريفات الجمركية…من أداة تجارية إلى مصدر دخل جديد للحكومة الأمريكية

لم تعد التعريفات الجمركية مجرد أداة لتنظيم التجارة العالمية أو وسيلة لتحفيز الشركات على إعادة نقل مصانعها إلى الولايات المتحدة وخلق فرص عمل داخل البلاد، بل تحولت إلى مصدر مالي هام للحكومة الأمريكية، خصوصًا في ظل الأعباء الكبيرة الناتجة عن الديون المتراكمة.

هذا التحول جعل صانعي السياسات ينظرون إلى الرسوم الجمركية كخيار محتمل لزيادة الإيرادات.

يرى الرئيس دونالد ترامب أن الإيرادات الكبيرة التي تحققها الولايات المتحدة من التعريفات تعكس نجاح استراتيجيته الاقتصادية، رغم حالة عدم اليقين التي أثارتها هذه السياسة.

وفي تعليق له عبر وسائل التواصل الاجتماعي عقب صدور بيانات ضعيفة لسوق العمل في يوليو، أكد ترامب: “الخبر الجيد هو أن الرسوم الجمركية تدر مليارات الدولارات على الخزينة.”

فيما يقدر وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت أن عائدات التعريفات قد تصل إلى 300 مليار دولار هذا العام، وهو مبلغ كبير لكنه لا يزال أقل بكثير من العجز المالي الحالي الذي تجاوز 1.34 تريليون دولار خلال العام المالي الجاري.

بحسب مركز أبحاث الميزانية بجامعة ييل، بلغ متوسط معدل التعريفات المفروضة على واردات الولايات المتحدة حتى 28 يوليو نحو 18.2%، وهو أعلى مستوى منذ عام 1934.

زيادة تدريجية في إيرادات أمريكا من التعريفات الجمركية حتى قبل دخول معظمها حيز التنفيذ   

الشهر

الإيرادات
(مليار دولار)

أبريل

17.4

مايو

23.9

يونيو

28.0

يوليو

29.0

هذا الارتفاع الكبير أدى إلى زيادة ملحوظة في إيرادات الحكومة من الرسوم الجمركية.

مع دخول حزمة تعريفات جديدة حيز التنفيذ في غشت ، شهدت الإيرادات الجمركية قفزة هائلة، إذ ارتفع إجمالي إيرادات الرسوم إلى 152 مليار دولار هذا العام، ما يقرب من ضعف الـ78 مليار دولار التي تحققت في الفترة نفسها من العام المالي الماضي.

وفي حال استمرار هذه السياسة، يتوقع الخبراء أن تحقق التعريفات إيرادات تزيد على تريليوني دولار خلال العقد المقبل.

رغم ذلك، يحذر الاقتصاديون من أن استمرار فرض التعريفات قد يزيد الأعباء على المستهلكين ويعزز التضخم، مما يؤثر سلبًا على الاقتصاد.

هل يمكن أن تتخلى أمريكا عن الحواجز التجارية التي أصبحت مصدرًا للدخل؟

المحلل/الجهة

التوضيح

“جواو غوميز” الخبير الاقتصادي بكلية وارتون بجامعة بنسلفانيا

أعتقد أنه من الصعب للغاية التخلي عن مصدر دخل عندما يكون الدين والعجز بالشكل الحالي.

“إرني تيديشي” أستاذ الاقتصاد بمختبر الميزانية بجامعة ييل

قد يتردد القادة في واشنطن قبل إلغاء التعريفات الجمركية إذا كان ذلك يعني زيادة إضافية في عبء الدين الفيدرالي الذي يثير بالفعل قلق وول ستريت.

من المرجح أن تخصص الحكومة جزءًا من عائدات التعريفات لدعم الصناعات المحلية التي تواجه تداعيات الرسوم الانتقامية من الشركاء التجاريين.

ففي ولاية ترامب الأولى، تم استخدام 92% من إيرادات الرسوم على السلع الصينية لدعم المزارعين المتضررين.

كما طرح ترامب عدة مقترحات لاستخدام هذه الإيرادات، منها تقديم مساعدات نقدية للأسر ذات الدخل المتوسط والمنخفض، وسداد جزء من الدين الوطني، أو تمويل تمديد التخفيضات الضريبية.

قدّم السيناتور الجمهوري جوش هاولي مشروع قانون يمنح دافعي الضرائب خصمًا ضريبيًا بقيمة 600 دولار من عائدات التعريفات، لكن العديد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين يؤكدون على أهمية توجيه هذه الأموال أولاً لتقليل الدين الوطني الذي تجاوز 36 تريليون دولار.

تبقى الهدف الأساسي من التعريفات الجمركية هو تعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات، مما قد يؤدي على المدى الطويل إلى انخفاض عائدات الرسوم الجمركية.

لذلك، فإن الزيادة الحالية في إيرادات الجمارك قد تمثل موردًا مؤقتًا للحكومة يمكن استثماره في تغطية العجز أو خفض الديون. لكن يبقى السؤال مفتوحًا: هل ستستمر هذه الإيرادات في الصعود أم ستبدأ بالانخفاض مع مرور الوقت؟

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى