التضخم يلوح في الأفق مجددًا: هل سيصمد الاقتصاد المغربي أمام التحديات القادمة؟

مع بداية عام 2025، أصبح التضخم مرة أخرى تهديدًا حقيقيًا للاقتصاد المغربي، مما أثار قلقًا واسعًا حول استقراره النسبي الذي شهدته البلاد في العام الماضي.
في هذا السياق، أشار تقرير حديث من “بي إم سي إي كابيتال جلوبال ريسيرش” (BKGR) إلى احتمال وقوع موجة تضخمية جديدة قد تؤثر بشكل كبير على الوضع الاقتصادي، مدفوعة بعوامل داخلية وخارجية.
بحسب بيانات يناير 2025، شهد مؤشر الأسعار الاستهلاكية (CPI) زيادة بنسبة 2%، متجاوزًا التوقعات التي كانت تشير إلى استقرار نسبي.
وقد تركز هذا الارتفاع في أسعار المواد الغذائية، حيث شهدت أسعار الخضروات واللحوم قفزات غير مسبوقة.
الخبراء الاقتصاديون يشيرون إلى أن هذه الزيادة لا تقتصر على تقلبات موسمية، بل قد تمثل بداية لموجة تضخمية جديدة. هذه التحولات تثير تساؤلات حول فعالية السياسة النقدية التي يتبعها بنك المغرب في مواجهة هذه الضغوط.
التضخم في المغرب لا يعد ظاهرة طارئة، بل هو نتيجة لمجموعة من العوامل. داخليًا، تساهم الزيادات التدريجية في أسعار الغاز البوتان في رفع تكلفة السلع الأساسية، ما ينعكس على معيشة المواطنين.
أما على المستوى الخارجي، فإن الاقتصاد العالمي المضطرب يزيد من التضخم المستورد.
التحديات الخارجية لا تتوقف هنا، إذ فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية جديدة على الواردات الصينية، ما يزيد من توتر سلاسل التوريد العالمية. هذا الأمر يفاقم الضغوط التضخمية في الدول التي تعتمد على الاستيراد مثل المغرب، وهو ما يهدد تنافسية المنتجات المغربية في الأسواق الدولية.
في ظل هذه التحديات، يظل السؤال المطروح: هل يستطيع بنك المغرب كبح جماح التضخم؟ رغم أن البنك قد خفض توقعاته بشأن التضخم لعام 2025 إلى 2.4%، إلا أن العديد من المحللين يشككون في قدرته على تحقيق هذا الهدف في ظل الظروف الراهنة.
التضخم لا يقتصر تأثيره على المؤشرات الاقتصادية فقط، بل يتجاوز ذلك ليؤثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة الفئات الأكثر هشاشة.
في هذه الظروف، يرى المحللون أن الحلول التقليدية المتمثلة في السياسات النقدية ليست كافية بمفردها. يتطلب الوضع رؤية شاملة تشمل دعم الإنتاج المحلي، إعادة النظر في السياسات الضريبية، وتعزيز الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر تضررًا.
يبقى السؤال الأبرز: هل ستتخذ حكومة عزيز أخنوش إجراءات حاسمة لمكافحة التضخم وحماية القدرة الشرائية، أم أن المغرب قد يكون على وشك دخول مرحلة جديدة من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية؟