Bitget Banner
التكنولوجيا

التدريب في زمن الذكاء الاصطناعي: تخصيص، فعالية، وتكلفة أقل

وسط تصاعد التحولات التكنولوجية وتزايد الضغوط على المؤسسات لمواكبة التغيير، يبرز الذكاء الاصطناعي كعنصر حاسم في معادلة تطوير الكفاءات.

لم يعد الأمر يتعلق فقط بتعلم أدوات الذكاء الاصطناعي، بل بات الذكاء نفسه محركًا لأساليب تعليمية جديدة، ومُعلّمًا ذكيًا يتفاعل مع المتدربين ويوجّههم لحظة بلحظة.

وبينما تتجه المؤسسات إلى تحسين قدراتها التنافسية، تبرز الحاجة إلى تدريب عملي وفعّال، يُقدّمه الذكاء الاصطناعي ليس فقط كمنصة لتوليد المحتوى، بل كأداة لتخصيص التجربة التعليمية وتحسين نتائجها في بيئات العمل الحقيقية.

أصبحت أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي قادرة على إعداد محتوى تدريبي متطور وتفاعلي في وقت قياسي، وبكلفة أقل بكثير من الأساليب التقليدية.

فبدلاً من الاعتماد على مدربين خارجيين أو استهلاك وقت الفرق الداخلية، يمكن للشركات استخدام منصات مثل Synthesia لإنتاج فيديوهات تدريبية احترافية بمجرد إدخال النص واختيار مقدم افتراضي، مما أدى إلى تقليص تكاليف الإنتاج بنسبة تصل إلى 70%.

تجربة شركة BSH التابعة لمجموعة بوش الألمانية تؤكد ذلك، حيث مكّنتها المنصة من تبسيط التدريب وتخصيصه لمختلف الأقسام واللغات، مما أتاح لموظفيها في مختلف البلدان تلقي التدريب بلغاتهم الأصلية دون الحاجة إلى مترجمين أو موارد بشرية إضافية.

لكن الفيديوهات وحدها لا تكفي دائمًا. ففي المجالات الدقيقة كالجراحة أو الصيانة الصناعية، يحتاج المتدرّبون إلى بيئات تحاكي الواقع.

وهنا يتدخل الذكاء الاصطناعي لتوفير محاكاة دقيقة وآمنة تعزّز من فعالية التدريب دون المخاطرة.

فعلى سبيل المثال، طوّر معهد نيوجيرسي للتكنولوجيا برنامجًا لتدريب طلاب الطب على الجراحة باستخدام الذكاء الاصطناعي كمقيّم مباشر للأداء، ما يتيح تصحيح الأخطاء بشكل لحظي وفعال. وقد أظهرت الدراسات أن أداء الذكاء الاصطناعي في تقييم هذه التدريبات يضاهي تقييم كبار الجراحين، بل ويتفوق عليهم أحيانًا.

AI and personalization make the perfect match for business growth—key  benefits and challenges - Agility PR Solutions

وفي القطاع التجاري، تستخدم شركات كبرى مثل أمازون وولمارت تقنيات الواقع الافتراضي المدعومة بالذكاء الاصطناعي من شركة Strivr لتدريب موظفيها على سيناريوهات حقيقية تشمل خدمة العملاء والتعامل مع المواقف الطارئة، من خلال تفاعل مباشر مع شخصيات افتراضية تحاكي الزبائن.

يتسارع التوجّه حاليًا نحو توفير التدريب لحظيًا أثناء أداء المهام، عبر دمج الذكاء الاصطناعي في أدوات العمل اليومية. فشركة BrightAI طوّرت نظامًا يمكّن عاملاً واحدًا من تنفيذ مهام معقدة عبر إرشاد فوري، دون الحاجة لتدريب طويل أو مساعدة إضافية.

كما تعمل شركات أخرى على تطوير نظارات ذكية ترشد الموظف مباشرة أثناء عمله، مثل تحديد مواقع التخزين أو توجيه عمليات التجميع بدقة، مما يقلل الحاجة إلى التدريب التقليدي ويوفر دعمًا مباشرًا على الأرض.

ما نشهده اليوم ليس مجرد تطور تقني، بل ثورة مفاهيمية في عالم العمل والتعلم. الذكاء الاصطناعي أصبح أداة لخفض التكاليف، وتعزيز الكفاءة، وتخصيص المحتوى التدريبي وفقًا لاحتياجات كل موظف، بل وتقديم الدعم في الوقت الحقيقي في بيئة العمل.

إننا أمام مرحلة جديدة تعيد تعريف الكفاءة والإنتاجية، حيث يبدأ الموظف يومه الأول مدعومًا بموجّه ذكي لا ينام، وبيئة تدريبية تستجيب له في كل لحظة. هكذا يتحول الذكاء الاصطناعي من أداة إلى شريك فعلي في صنع مستقبل العمل.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى